يوافق اليوم 23 أغسطس من كل عام اليوم العالمي لإحياء ذكرى تجارة الرقيق والقضاء عليها، وهو يوم يهدف إلى تذكير العالم بتاريخ مؤلم شهد معاناة الملايين من البشر الذين تم استعبادهم واستغلالهم عبر القرون.
كانت العبودية، أو تجارة الرقيق، من الظواهر السائدة في العديد من الحضارات القديمة، حيث قامت على أكتاف العبيد بناء الحضارات الكبرى، مثلما حدث في روما خلال عصر الإمبراطورية الرومانية.
- بداية تجارة الرقيق
في القرن الخامس عشر، بدأت القوى الأوروبية في ممارسة تجارة الرقيق الأفارقة، حيث كان يتم اختطاف هؤلاء الأشخاص من قراهم في وسط أفريقيا ونقلهم قسراً إلى العالم الجديد للعمل في الأراضي الزراعية. وبدأ البرتغاليون هذه التجارة عام 1444م، حيث كانوا يرسلون ما بين 700 إلى 800 عبد سنويًا إلى البرتغال.
لاحقًا، انضمت إسبانيا وإنجلترا إلى هذه التجارة، حيث تم إرسال العبيد إلى مستعمراتهم في أمريكا اللاتينية والشمالية للعمل في الزراعة.
في منتصف القرن السابع عشر، زادت أعداد العبيد في المستعمرات الأمريكية، خاصة في الجنوب، بسبب التوسع الزراعي. ومع ذلك، بدأت بعض الدول الأوروبية تدرك فظاعة هذه التجارة وبدأت في إلغائها.
- أول دولة أوروبية تلغي تجارة الرقيق
كانت الدنمارك أول دولة أوروبية تلغي تجارة الرقيق عام 1792م، وتبعتها بريطانيا وأمريكا بعد سنوات قليلة. وفي مؤتمر فيينا عام 1814، تم توقيع معاهدة بين الدول الأوروبية لمنع تجارة الرقيق.
مع مرور الوقت، تبنت المزيد من الدول إجراءات لإنهاء هذه الممارسة اللاإنسانية، في عام 1848، وقعت بريطانيا معاهدة مع الولايات المتحدة لمنع تجارة العبيد، وتبعتها فرنسا وهولندا وجمهوريات جنوب أمريكا، لكن العبودية استمرت في البرازيل حتى عام 1888م، وكانت آخر دولة تلغيها.
في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من إلغاء العبودية بعد إعلان الاستقلال، لم تتحقق المساواة الكاملة للعبيد حتى عام 1865م، عندما نص الدستور الأمريكي على إلغاء العبودية نهائيًا، بعد ذلك، عقدت عصبة الأمم مؤتمرًا دوليًا عام 1906م بهدف القضاء على العبودية بشكل نهائي في جميع أنحاء العالم.
- مصر تلغي تجارة الرقيق
وفي مصر، أصدر محمد علي باشا قرارًا بمنع تجارة الرقيق رسميًا، وهو القرار الذي تم تبنيه من قبل الأمم المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1949، ليصبح اليوم العالمي لإلغاء الرق.
وعلى الرغم من الجهود العالمية لإنهاء الرق، لا تزال العبودية قائمة في بعض أشكالها الحديثة، تُعرف العبودية المعاصرة أو الحديثة بأنها تشمل أشكالاً من الاستغلال القسري للأشخاص، مثل العمالة القسرية والاتجار بالبشر، وتشير التقديرات إلى أن عدد العبيد في العالم اليوم يتراوح بين 21 مليون و70 مليون شخص.
إن هذا اليوم العالمي ليس فقط لإحياء ذكرى ضحايا تجارة الرقيق، بل هو أيضًا دعوة للعالم للتكاتف من أجل القضاء على جميع أشكال العبودية المعاصرة والعمل من أجل تحقيق الحرية والعدالة للجميع.