في خضم انتشار الأمراض الفيروسية، يبرز مرض "جدري القرود" كواحد من التهديدات الصحية التي تستدعي اهتمامًا عالميًا متزايدًا،حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية، مؤخرًا، أن جدري القرود يشكل حالة طوارئ صحية عامة على الصعيد العالمي، وذلك للمرة الثانية خلال عامين، بعد أن تفشى المرض من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.
هذا الانتشار السريع للمرض خارج القارة الإفريقية أثار قلقًا عالميًا، خاصة مع تسجيل إصابات لم تكن لها صلة مباشرة بالسفر إلى المناطق الموبوءة.
ويثير هذا التفشي الحالي قلقًا خاصًا لأنه يتضمن متحورًا جديدًا من الفيروس، يُعتبر من أكثر التحورات التي رُصدت على الإطلاق.
أعراض جدري القرود ومراحل ظهوره
مرض جدري القرود يتميز بأعراض مشابهة للجدري البشري ولكن بشكل أخف. يمكن تقسيم الأعراض إلى مرحلتين رئيسيتين:
1. المرحلة الأولى (فترة الحضانة):
- تستمر من 5 إلى 21 يومًا.
- تشمل الأعراض:
- ارتفاع في درجة الحرارة.
- صداع شديد.
- آلام في العضلات والظهر.
- تضخم في الغدد الليمفاوية.
- شعور بالتعب والإرهاق.
2. المرحلة الثانية (ظهور الطفح الجلدي):
- تبدأ من 1 إلى 3 أيام بعد بدء الحمى.
- يظهر الطفح الجلدي في البداية على الوجه، ثم ينتشر إلى باقي أجزاء الجسم.
- يتطور الطفح من بقع حمراء إلى بثور مملوءة بسائل، تتقشر وتسقط في النهاية.
- تصاحب هذه المرحلة حكة شديدة وألم في المناطق المصابة.
الدول المتأثرة بجدري القرود
في البداية، كان جدري القرود يقتصر على بعض الدول الإفريقية مثل الكونغو ونيجيريا، حيث كان ينتقل الفيروس في الأساس من الحيوانات إلى البشر، ولكن مع الوقت، تطور الفيروس ليصبح قادرًا على الانتقال بين البشر، يشار إلى وجود سلالتين رئيسيتين من الفيروس:
- السلالة الأولى (كليد 1): متوطنة في وسط إفريقيا وتُعتبر الأكثر ضراوة، وهي التي تشارك في التفشي الحالي للمرض.
- السلالة الثانية (كليد 2): أقل ضراوة وتوجد في غرب إفريقيا. تسببت هذه السلالة في تفشي عالمي في عام 2022.
تفشي الفيروس عالميًا
في عام 2024، سجلت إفريقيا أكثر من 14,500 إصابة بجدري القرود و450 حالة وفاة حتى نهاية يوليو، مع زيادة بنسبة 160% في الإصابات و19% في الوفيات مقارنة بنفس الفترة في عام 2023.
على الرغم من أن 96% من الحالات تتركز في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أن المرض بدأ في الانتشار إلى دول مجاورة مثل بوروندي، كينيا، رواندا، وأوغندا.
وفي عام 2022، انتشر المرض إلى ما يقرب من 100 دولة حول العالم، بما في ذلك دول في أوروبا وآسيا لم تشهد الفيروس سابقًا, ورغم أن العديد من هذه الدول استطاعت السيطرة على الفيروس من خلال تطعيم الفئات الضعيفة، إلا أن انتشار الفيروس في إفريقيا يظل مقلقًا بسبب ضعف الوصول إلى اللقاحات والعلاجات المناسبة، خاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
الدول التي ظهر فيها جدري القرود:
ظهر جدري القرود لأول مرة في بعض الدول الإفريقية مثل الكونغو ونيجيريا، حيث كان تفشيه محدودًا نسبيًا، لكن منذ عام 2022، بدأ المرض ينتشر خارج الحدود الإفريقية، وتم تسجيل حالات في دول مثل:
- المملكة المتحدة.
- الولايات المتحدة الأمريكية.
- كندا.
- إسبانيا.
- البرتغال.
- ألمانيا.
- فرنسا.
- إيطاليا.
- السويد.
طرق الوقاية من جدري القرود
للحد من انتشار مرض جدري القرود، تُوصي الجهات الصحية بعدة تدابير وقائية:
- تجنب الاتصال المباشر مع المصابين: سواء كانوا من البشر أو الحيوانات.
- استخدام وسائل الحماية الشخصية: مثل القفازات والأقنعة عند التعامل مع الحالات المشتبه بها.
- التباعد الاجتماعي: خاصة في المناطق التي تشهد تفشيًا للمرض.
- التعقيم المستمر: غسل اليدين بانتظام واستخدام المطهرات.
- التطعيم: بالرغم من وجود لقاحات للجدري توفر حماية جزئية ضد جدري القرود، فإن الحاجة إلى لقاحات مخصصة أكثر فعالية تظل ملحة.
يبقى جدري القرود تهديدًا صحيًا عالميًا يتطلب استجابة سريعة وفعالة، مع استمرار انتشار المرض وتحوره، يصبح من الضروري تعزيز الجهود الوقائية وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية التدابير الاحترازية للحد من انتشار هذا الفيروس الخطير.