أقام المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، برئاسة الدكتور علي الخولاني، ندوة بعنوان منظومة الشرعية اليمنية بين الإصلاح السياسي والفساد المالي الإداري، وذلك بمقر المركز بالقاهرة.
شارك في الندوة العديد من المتخصصين والأكاديميين اليمنيين والمعنيين بالصراع هناك، حيث شهد اللقاء مناقشة تفاصيل ما يحدث في المؤسسات الشرعية باليمن وكيفية التغلب على مظاهر الفساد والمقترحات للنهوض بمؤسسات الشرعية.
بدوره قال الدكتور علي الخولاني، رئيس المركز اليمني المستقل، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر سابقا، إن إعادة هيكلة الشرعية، أصبحت اليوم ضرورة وطنية؛ فنحن مع الشرعية كمبدأ ولكن انتقادها، إصلاح الأخطاء بداخلها، تغيير ميكانيزمات أعمالها هي أمور لا بد منها من اجل أن نحافظ عليها وتستطيع أن تمارس دورها في استعادة مؤسسات الدولة اليمنية وانهاء الإنقلاب الحوثي.
وأضاف الخولاني، حقيقة إن ما يلاحظ في الشرعية أن هناك تضخم إداري رهيب على كافة المستويات وفي كافة المجالات، أيضاً البعثات الدبلوماسية اليمنية فيها تضخم إداري كبير يستهلك الكثير من العملة الصعبة وفي دول لا يستلزم وجود ذلك الكم من الموظفين الدبلوماسيين ويكفي ثلاثة أو اربعة موظفين.
وبالنسبة للمرأة اليمنية، علق رئيس المركز قائلاً: هي مهضومة ومظلومة في مؤسسات الشرعية، فلا يوجد ولا وزيرة في الحكومة كذلك لا يوجد مرأة في مجلس القيادة الرئاسي اليمني، كذلك المجلس لا بد من إضافة أعضاء أخرين يمثلون كل مناطق اليمن وليس مناطق بحد ذاتها.
وطالب الخولاني، بضرورة إشراك لكافة القوى السياسية في مؤسسات الدولة وألا تكون محصورة على فصيل أو اثنين كون الانتقالي والإخوان المسلمين يسيطرون على أغلب مفاصل الدولة وهيئاتها، بالإضافة إلى المحسوبية والأسرية الواضحة وتهميش الكوادر المتخصصة وهي أمور لا تخفى على أي مراقب للشأن اليمني.
وبدوره نزع الأكاديمي اليمني الدكتور محمد المقري، ورقة التوت الفساد المالي والإداري في البعثات الدبلوماسية اليمنية، وكشف عن تقرير رسمي سري باستحداث ملحقيات ووظائف دبلوماسية مخالفة للقوانين، دون الحاجة إليها، مما تسبب في إضافة أعباء مالية على الموازنات التشغيلية في سفارات الجمهورية اليمنية في الخارج.
وأوضح أن هناك اكثر من 600 شخص معينين بصورة مخالفة للقانون ولائحة السلك الدبلوماسي تصرف لهم من إيراد الدولة اكثر من 5 ملايين دولار شهريا .
وأضاف أنه حسب نتائج أعمال لجنة مكلفة بمراجعة شروط وحيثيات إنشاء الملحقيات الفنية وقرارات التعيين وطلبات التمديد في سفارات اليمن، فقد ازداد أعداد المعينين بالملحقيات الفنية خلال الفترة الأخيرة ليصل إلى (127) موظفا موزعين على (11) نـوعا من الملحقيات في (29) بعثة دبلوماسية، مقارنة بـ(52) موظفا قبل 2015م بزيادة وصلت إلى أكثر من 100% عما كان عليه الوضع قبل انقلاب مليشيا الحوثي .
وقال المقري حتى الجواز الدبلوماسي اليمني دخل مرحلة الحظر في العديد من الدول الأجنبية والعربية، بعد التشكيك في صلاحية منحه من قبل الحكومة الشرعية لأشخاص لاعلاقة لهم بالنشاط الدبلوماسي أو السياسي أو ممن يعدون أسماء لها وزنها الداخلي والخارجي".
أما عبدالناصر بن حماد العوذلي، عضو رئاسة الإئتلاف الوطني الجنوبي الأمين العام المساعد لحزب جبهة التحرير، فتناول إخفاقات الشرعية في استغلال عناصر قوتها في الضغط على قوى الإنقلاب.
وقال إنه بعد عشر سنوات من عمر الصراع اليمني، ما زالت الحكومة الشرعية اليمنية تعاني من تحديات كبرى وأزمة حقيقية تتعلق بإعادة بناء الدولة المنهارة والمسلوبة وتعميق الوحدة الوطنية، وتعزيز مصادر الشرعية للحكومة وتعزيز قوتها لاستعادة الجمهورية التي تختزل يوما بعد يوم في مشروع السلالة الكهنوتي
وأكد أن أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الشرعية في الوقت الراهن، هو مدى قدرتها المؤسساتية على إنتاج نخبة سياسية وطنية حقيقية تتميز بمعيار التماسك الوطني عندما يتعلق الأمر بإعادة البناء الوطني وإعادة الإنتاج للخدمات والموارد العامة التي تقدمها للشعب اليمني .. وبمعيار الانسجام في الانتماء إلى مرجعية موحدة لمنظومة الثقافة السياسية التي تربط بين أعضائها.
وأشار عضو رئاسة الإئتلاف الوطني الجنوبي إلى هناك قصور وظيفي واضح في الحكومة الشرعية في تحقيق معيارَي التماسك والانسجام داخل النخبة السياسية اليمنية التي ما زالت حتى اللحظة تعاني من تشرنق حزبي، وانحيازات مناطقية، وانقسامات فئوية ، ونزاعات قبلية وحزبية حول المحاصصة السياسية في الوظيفة العامة وتوزيع الموارد العامة للدولة والسعي للإستخلاصات الحزبية والشخصية، على حساب المصلحة الوطنية العليا .
وقال : هذا هو الحال مع معظم الدول الفاشلة في عالمنا العربي، فإن إنتاج نخبة سياسية وطنية تجمعها رابطة الانتماء إلى الأرض، وثقافة الانتساب إلى هوية جماعية موحدة تتجاوز من خلالها كل الهويات الفرعية، والانتماءات العضوية، والمصالح الضيقة، ما زال محدود التأثير على الأرض اليمنية.
وأوضح العوذلي، أن هذا الشكل من غياب الإحساس بالانتماء إلى الهوية الوطنية الجامعة عند النخبة السياسية اليمنية يبدو جلياً عند النظر إلى التناقضات التي أفرزتها التغيرات الدائمة في قواعد اللعبة السياسية بين الفاعلين السياسيين اليمنيين، حيث شهدت علاقات النخبة اليمنية تغيرات مستمرة في التحالفات السياسية والإستراتيجية عبر مراحل سياسية متعددة .