مياه الأمطار والسيول تغمر الخيام في مراكز إيواء النازحين بولاية كسلا شرقي السودان.. أمطار غير مسبوقة بولاية كسلا.. تحذيرات بالابتعاد عن مجرى نهر القاش.. عناوين أخبار تصدرت الصحف السودانية خلال الأيام القليلة الماضية بالتزامن مع هطول الأمطار الغزيرة في إثيوبيا وتسببها في انهيارات وانزلاقات أرضية أدت إلى مقتل أكثر من 200 شخص وفقدان المئات، ومن هذا المنطلق بدأت آلاف الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تندد بخطر داهِم يهدد مصر بسبب انجراف ملايين الأمتار المكعبة من المياه تجاه السد العالي بأسوان، ورغمًا عن عدم تعرض مصر المباشر للسيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة في السودان وإثيوبيا، إلا أنها تتأثر بتبعاتها بشكل غير مباشر، إذ أن الناحية الجغرافية توضح أن تدفق نهر النيل من الجنوب إلى الشمال، مما يعني أن أي تغيير في منسوب المياه في السودان وإثيوبيا يمكن أن يؤثر على تدفق المياه إلى مصر.
ولم ينفك في السنوات الأخيرة إذ كانت هناك مخاوف من تأثير سد النهضة الإثيوبي على حصص المياه التي تصل إلى مصر، ومع أن السد يهدف بشكل أساسي إلى توليد الكهرباء وتحسين الزراعة في إثيوبيا، إلا أن مصر أقرت أن تشغيله دون تنسيق مناسب قد يؤثر على حصتها من مياه النيل، وهو ما يمكن أن يتفاقم في حالات السيول الشديدة التي تزيد من تدفق المياه، لذا فلا مفر من وجود إيجاد حلول جذرية للتحديات المشتركة التي تواجه الدول الثلاث فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية والكوارث الطبيعية مثل السيول، إذ تستدعي هذه التحديات تعاونًا إقليميًا ودوليًا لضمان توزيع عادل للمياه وتقليل الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية التي نحن بصددها خلال الأيام الماضية والتي تُنذر جديًا إلى وجود أزمات تلوح في الأفق تكاد تقضي على كثير المواطنين في الدول منبعها وتؤثر أيضًا على مصر.
وتعقيبًا على ذلك، أوضحت الدكتورة منار غانم عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة لـ الأرصاد الجوية، خلال تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم»، أن هذه الآونة من السنة هي فترة الأمطار الموسمية المتواجدة دائمًا في منابع النيل سواء السودان أو أثيوبيا، وهذا الأمر طبيعي جدًا نتيجة الحزام المداري الذي يمر في هذه المناطق، وعليه يحدث أمطار غزيرة يمكن أن تؤدي إلى بعض الفيضانات والسيول في الشوارع، موضحة أن مصر تتأثر بصورة بسيطة جدًا من الأمطار التي تتراوح شدتها بين أمطار خفيفة إلى متوسطة وأحيانًا تكون رعدية على المناطق الحدودية سواء جنوب أسوان أو أبو سمبل أو حلايب وشلاتين، لكن بكميات أقل بكثير لا تقارن تمامًا بما يحدث في اثيوبيا أو السودان، لافتة إلى أن أمطار السودان تحدث كل عام ولا تصل إلى مصر، وربما يحدث فقط ارتفاع في منسوب النيل نتيجة سقوط هذه الأمطار، وهناك تنسيق دائمًا مع الجهات المعنية في الدولة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأضافت ”غانم“ أن الأمطار بدأت تتساقط على أقصى جنوب البلاد وهو أمر أصبح من المعتاد خلال هذه الفترة من كل عام، موضحة أن هذه الفترة تشهد ارتفاع الفاصل المداري لشمال السودان وهو خط وهمى تتقابل فيه الكتل الهوائية الشمالية الجافة مع الكتل الهوائية الجنوبية الرطبة وينتج عنه حزام من السحب الرعدية عند خط الاستواء تكون ممطرة بشكل غزير، وهذا الحزام يتذبذب شمال وجنوب ويكون فى شمال السودان، لافتة إلى أن السحب تتشكل فى أقصى المناطق الجنوبية لمصر وتتأثر هذه المناطق بسحب رعدية ولكنها تكون أقل مما يحدث في دولتي أثيوبيا والسودان، وبالتالي تشهد هذه المناطق أمطار رعدية متفاوتة الشدة ويكون معها رياح هابطة تؤدى إلى زيادة سرعات الرياح على الأرض وتؤدى لرمال مثارة وأتربة تؤدى بتدهور الرؤية الأفقية.