بعد مرور عامٍ على تمرد ميليشيات الدعم السريع المسلحة التي يرأسها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ودخول البلاد في صراع مسلح عنيف، يتحدى الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان الصعاب، لاحتواء الأزمات المتتالية التي عقبت هذا التمرد، فقد أدت المواجهات العسكرية إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأُجبر حوالي 7.6 ملايين على الفرار، وترك ما يقرب من 25 مليونا (أكثر من نصف سكان البلاد) بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفقا لوكالة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.
واستغلت مليشيا حميدتي الموارد الطبيعية للبلاد والغذاء لتمويل الحرب، واستثمرت عائدات تجارة الذهب في السودان التي كانت تسيطر على معظمها قبل الحرب في العديد من الصناعات، مما مكنها من دفع الرواتب، وتمويل الحملات الإعلامية، وممارسة الضغط، وشراء الدعم لمنظمات سياسية وغيرها من الجماعات المسلحة، ناهيك عن حصولها على دعم عسكري بالمجان من الإمارات العربية المتحدة.
وكان قد أعلن مؤخرًا، قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، أنه لن يشرع في مفاوضات أو محادثات سلام إلا بعد القضاء على قوات الدعم السريع، وهو مطلب الشعب السوداني ككل، فبحسب وسائل الإعلام السودانية، لم تسلم قرية ولا مدينة من بطش ميليشيات الدعم السريع، والانتهاكات الإنسانية التي مارستها بحق النساء والأطفال والعجزة.
وكان الباحث والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، قد أكد بأن الفريق البرهان يخوض معركة شرسة للقضاء على ميليشيا الدعم السريع، الأمر الذي لا يجب ان يتوقف ضمن إطار تسوية سياسية، خصوصًا وأن الميليشيا ارتكبت الفظائع في السودان.
ولكن وبنظر الباحث السياسي، فإن "تجفيف المنابع" هو الخيار السليم للحد من طول أمد الصراع، وضرب التسليح الإماراتي لحميدتي "في مقتل" على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن الإمارات تضخ الأطنان من الذخائر والسلاح إلى السودان، عن طريق وكلائها وحلفائها في المنطقة، كونها تطمع لفرض هيمنتها على موارد البلاد الغنية.
وكانت قد نشرت العام الماضي صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً أعده كل من اريك شميدت وديكلان وولش وكريستوفر كوتيل قالوا فيه إن دولة الإمارات العربية المتحدة تدعو علناً لتسوية سلمية في السودان، ولكنها تقوم سراً بتغذية الحرب.
من جانبها أيضًا كشفت سابقًا، صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير لها أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم دعمًا عسكريًا لميليشيا الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني، وسط قلق دولي من هذا الدعم.
ليعود سفير السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس، مؤخرًا، ويتهم الإمارات العربية المتحدة برعاية ودعم ميليشيا الدعم السريع في الحرب التي شنّتها على الدولة السودانية العام الماضي.
وقال إدريس، في خطابه أمام جلسة مجلس الأمن، إنّ القوات المسلحة تواصل حربها الدفاعية لصدّ العدوان متعدد الأطراف الذي ترعاه عدد من الدول، من ضمنها الإمارات العربية المتحدة التي تزوّد ميليشيات الدعم السريع بالأسلحة عبر مطار أم جرس.