نقلت الولايات المتحدة الأمريكية السفن العسكرية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، بسبب المخاوف من التصعيد بين إسرائيل و"حزب الله"، حيث صرح المسؤولون الإسرائيليون بأنهم مستعدون للقيام بـ"عمل مكثف" في جنوب لبنان.
قامت الولايات المتحدة بتحريك قواتها بالقرب من إسرائيل ولبنان وسط مخاوف من تصاعد الهجمات عبر الحدود، بما في ذلك القوات القادرة على تنفيذ عملية إجلاء للمواطنين الأمريكيين.
وأعلنت البحرية الأمريكية أن السفينة "واسب" ومجموعتها البرمائية، والتي تضم وحدة استطلاع قادرة على تنفيذ عمليات خاصة، وإحدى مهامها الأساسية تنفيذ عمليات إخلاء، قد انتقلت مؤخرًا إلى البحر الأبيض المتوسط.
من جانبه، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أن إسرائيل لا تريد حرباً مع حزب الله، لكنها قادرة على إعادة لبنان "إلى العصر الحجري" إذا لزم الأمر.
وقال غالانت بعد زيارة إلى واشنطن، إن "حزب الله يدرك جيداً أننا قادرون على إلحاق أضرار جسيمة في لبنان إذا اندلعت حرب".
وأضاف جالانت: "لدينا الإمكانية لإعادة لبنان إلى العصر الحجري لكننا لا نريد القيام بذلك"، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية "تستعد لكل السيناريوهات".
منذ بداية الحرب في غزة، تجري عمليات قصف وغارات متبادلة بشكل شبه يومي بين حزب الله، حليف حركة حماس، والجيش الإسرائيلي على الحدود بين الدولة العبرية ولبنان.
ومع تصاعد حدة التوترات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده ستعيد نشر بعض قواتها نحو الشمال "لأغراض دفاعية في المقام الأول، ولكن أيضًا لإعادة السكان النازحين إلى ديارهم".
فما جدية التصعيد بين إسرائيل ولبنان؟ وهل تندلع حربًا في الجبهة الشمالية للاحتلال بعد فشله في اقتحام رفح؟
الحرب قادمة لكن بشروط
يرى المحلل السياسي، الدكتور عمرو الهلالي، أن حرب غزة غيرت الكثير من التابوهات التي كنا نحسبها لتعامل اسرائيل مع الحرب، ومنها أنها لا تستطيع الحرب لمدة طويلة بسبب عامل التعبئة العامة الذي يوقف الحياة الاقتصادية في إسرائيل، وكذلك فكرة عدم قدرة إسرائيل على الحرب في أكثر من جبهة في نفس الوقت.
وأوضح الهلالي، لـ"بلدنا اليوم"، أن إسرائيل أثبتت قدرتها على فعل الشيئين بسبب قدراتها العسكرية والمدد العسكري الذي لم يتوقف من الولايات المتحدة الامريكية، مؤكدًا أنها بذلك استطاعت أن تقترب من العام في حرب مستمرة على جبهتها الجنوبية في غزة، مع عناد من طرف نتنياهو والذي لا يريد توقف الحرب لأنها تعني بشكل كبير محاسبته وخسارته منصبه وتعرضه للملاحقات القضائية التي يمكن أن تفضي إلى حبسه.
واستكمل الهلالي: يبدو أن نتنياهو مستعد للتصعيد على الجبهة الشمالية والدخول في مواجهة مع حزب الله، لكن هناك عدد من الشروط التي سيضعها الإسرائيليون لبدء الحرب على لبنان وأهمها هو الحصول على كميات كبيرة من السلاح الأمريكي لأن قوة حماس لا يمكن أن تقارن بقوة حزب الله العسكرية.
واختتم المحلل السياسي أن هذه الجبهة بالفعل تجاوزت خلال الشهور الأخيرة الردود العسكرية التقليدية وهي مهيئة للدخول في صدام هائل إذا تم الحصول على سلاح أمريكي كبير وعدم التهديد بقطعه كما حدث خلال الشهر الماضي، وتهيئة الداخل الإسرائيلي لرد فعل حزب الله والقادر بصواريخه على إصابة العمق الإسرائيلي بشكل أكثر تأثيرا من صواريخ حماس.
المزاج العام الإسرائيلي مع الحرب
ومن جانبه يرى مدير مركز يافا للبحوث والدراسات، الدكتور رفعت سيد أحمد، أن هناك احتمال كبير لنشوب حرب في جنوب لبنان خلال الأشهر الخمسة المقبلة.
وأوضح أحمد، لـ"بلدنا اليوم"، أن هذه الحرب ستتم وفق المزاج العام الإسرائيلي، مستشهدًا باستطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة جيروزاليم بوست يوم 17 يونيو الماضي، والذي أظهرت نتائجه أن 62% من الشعب الإسرائيلي يؤيديون الحرب على لبنان، ومنهم 36% يريدونها الآن و26 يريدونها بعد نهاية حرب غزة.
وقال أحمد إن نتنياهو سينتهز اللحظة المناسبة لإعلان الحرب على لبنان، لكن في المقابل فإن الجانب الأمريكي لا يريد هذه الحرب قبل الانتخابات التي ستجرى في 5 نوفمبر، حتى لا تشتعل المنطقة كلها لأن حرب لبنان تعني دخول سوريا وإيران في الحرب.
وقال مدير مركز يافا إن جميع الأطراف تتحسب لهذه الحرب، لكنها لا تريد أن تكون البادئة لتلك الحرب الواسعة، مؤكدًا أن الحرب بدأت بالفعل وقد خسر فيها حزب الله 500 شهيد وتم تهجير 50 مستوطنة في شمال إسرائيل، لكن نطاق الحرب لا يزال ضيقًا.
وأكد أحمد أن الحرب إذا اندلعت ستقوم الولايات المتحدة بدعم إسرائيل بها بالغطاء الجوي ومشاركة البوارج والمدمرات، لكنها لن تتورط بريًا، مضيفًا أن حزب الله متحسب جيدًا لهذه الحرب.
ووصف أحمد موقف نتنياهو بمحاولة الهروب من حرب غزة لحرب لبنان، بعد فشل الأولى في إعادة الأسرى الذين أخذتهم حماس مع بداية الحرب، وبالتالي فشل نتنياهو في تحقيق أهدافه.