يزداد الطلب في فصل الصيف على محصول قصب السكر لما له من مكانة خاصة في نفوس جميع المصريين، فهو المشروب المفضل والأكثر شعبية عند استخدامه داخل عصارات القصب، والأعلى طلبا في أوقات الصيف، كما يدخل القصب في عدة صناعات وأمور أخرى على رأسها السكر الذي يعتبر سلعة استراتيجية لا غنى عنها، بالإضافة إلى صناعة العسل الأسود، وصناعة الحلويات بكافة أنواعها مرتبط بالقصب لأنها تعتمد على السكر الذي هو في الأساس كان قصب، بالتالي عند تأثر أسعار محصول القصب نجد باقي تلك الأشياء تتأثر تباعاً.
وخلال هذه الفترة حدثت مفاجأة لم يكن يتوقعها أحد إذ ارتفع سعر القصب إلى حوالي 4 أضعاف إذ وصل سعر فدان القصب إلى 300 ألف جنيه بعدما كان يباع من حوالي شهر بسعر لم يتجاوز 80 ألف جنيه، وذلك وسط تساؤلات كثيرة حول ماذا يحدث وما هو سبب ذلك وهل الارتفاع هذا في الصالح العام أم ذلك له آثار سلبية؟.
ويتميز قصب السكر بقدرة محصولية عالية، حيث يصل أقصى ما يمكن حصاده من عيدان القصب إلى (94,5 طن/فدان) سنوياً، ويمكن للقصب أن ينتج "9,2 طن/فدان" من السكر سنوياً، فهو يساهم فى إنتاج حوالي نصف كمية السكر فى مصر، ويُستهلك حوالى 18% من الإنتاج كعصير، داخل محلات عصير القصب التي توقف أغلبها بسبب ارتفاع الأسعار، ويبدأ موسم حصاد قصب السكر في محافظات الصعيد وبعض الأماكن الأخرى، في شهر يناير أو فبراير حيث ينتظره الفلاحين وأيضا الدولة، فالمزارع لجني ثمار جهده طوال الموسم والبيع وتحقيق أرباحه لتحسين مستوى معيشته، والدولة لاستخراج السكر منه حسب الكميات المستهدفة لعدم التعرض إلى أزمة أسعار السكر، وزيادة المعروض من السكر في الأسواق المحلية، وتغطية احتياجات المواطنين.
وتقوم وزارة الري والموارد المائية بالتحول في زراعة قصب السكر باستخدام الري بالتنقيط في زمام 325 ألف فدان باعتبار أن قصب السكر يُعد من المحاصيل الشرهة لاستهلاك المياه، وتم البدء في تنفيذ منطقة تجريبية رائدة على ترعة بلوخر بمركز إدفو بمحافظة أسوان والتي تهدف لتطوير مساحة منزرعة بمحصول قصب السكر.
وكانت دشنت وزارة الزراعة المشروع القومي لتطوير قصب السكر وإنشاء محطتي كوم أمبو ووادي الصعايدة لإنتاج شتلات القصب بطاقة إنتاجية حوالي 200 مليون شتلة سنوياً وبتكلفة تزيد عن 2 مليار جنيه حيث تم الانتهاء من محطة كوم أمبو وجاري تشغيلها تجريبياً كما جاري الانتهاء من انشاء محطة وادي الصعايدة، ويتم زراعة 650 ألف فدان من محصول البنجر، ونستهدف أن تصل إجمالى المساحة المنزرعة منه إلى 750 ألف فدان، خاصة فى ظل التوسع فى الأراضى الجديدة مثل غرب المنيا ومشروع مستقبل مصر والدلتا الجديدة.
أبو صدام: موسم حصاد القصب وتوريده يكون في الأشهر الأولى بالعام
ويقول الحاج حسين أبو صدام نقيب الفلاحين أن ارتفاع أسعار فدان القصب في هذه الأيام يعتبر أمر وارد وذلك لعدة أسباب أهمها أن موعد حصاد المحصول يبدأ أصلا في شهر يناير أما هذه الأيام فمساحات قليلة هي التي يتم حصادها ويكون معظمها لعصارات القصب، وهذا الارتفاع أيضاً بسبب قلة المساحات المزروعة عن الموسم الماضي.
وذكر أبو صدام إلى أن الفلاح مستفيد من ارتفاع الأسعار لأنه سيبيع محصوله بسعر مرتفع جدا يعوض به كل تكاليف الإنتاج والزراعة، لافتاً إلى أن على الدولة النظر في سعر توريد القصب واستلامه من المزارعين في مصانع السكر بسعر يتناسب مع أسعار السوق المحلية حتى لا يتضرر المزارعين ويحدث عزوف عن التوريد لمصانع السكر أو عزوف عن زراعته من الأساس، الأمر الذي يخلف وراءه عدة أثار سلبية.
وأشار أبو صدام إلى أن أسعار القصب الحالية أثرت سلباً على محلات العصير وهي قطاع هام أيضاً، إذ اتجهت كثير من العصارات إلى إيقاف نشاطها، وهذا أمر غير جيد لأنه توقف لمصدر الرزق ما يكلف أصحابها مبالغ مالية كبيرة سواء كانت ايجارات أو تأمينات أو مصاريف أخرى كانت يتم دفعها من أرباح العمل الذي أصبح شبه معدوم المكاسب.
خضر: ارتفاع معدلات تصدير القصب أثر على أسعاره
ويقول الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي في تصريحاته أن أن ارتفاع أسعار القصب حدث بشكل مفاجئ، خاصة وأن صناعة القصب من أهم الصناعات لأهمية السلع التي يدخل القصب في تصنيعها مثل السكر والعسل والحلويات والعصير، بجانب أن مصر تصدر كميات كبيرة إلى دول الخليج ، وهذا الأمر من المفترض أن يكون محسوب بشكل جيد حتى لا يكون سبباً في حدوث فجوات بين الاستهلاك والإنتاج.
وأشار خضر إلى أن الدولة لابد من وضع حوافز مجزية للمزارعين لتشجيعهم على زراعة القصب والتوسع فيه، لأن ما يحدث الآن هو قلة الكميات المنتجة واتجاه البعض لزراعة البنجر، لافتاً إلى أن الحكومة لابد أن تضع القصب في أولوياتها كسلعة استراتيجية حتى لا يتكرر ما حدث الفترات الماضية من أزمات في السكر، والذي كلف الدولة حوالي مليون طن استيراد من السكر، والعمل على جعله سلعة استراتيجية مثل القمح.
وأرجع الخبير الاقتصادي ارتفاع أسعار القصب إلى هذا الحد بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة بشكل كبير وأيضاً الأيدي العاملة وتكاليف النقل وكل مستلزمات الإنتاج، ما جعل المؤثرات على الفلاحين كثيرة أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار.
ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الأسعار في فدان القصب ستنعكس بشكل مؤكد على أسعار السكر في الفترة المقبلة، إلى في حالة نزولها إلى المعدل الطبيعي مرة أخرى، ومن الوارد أن ترفع الحكومة سعر توريد طن القصب للفلاحين لتشجيعهم على التوسع في زراعته.
ويقول الدكتور جمال أبو الفتوح وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ أن ارتفاع أسعار القصب بسبب أن زراعة القصب تواجه بعض التحديات هذه الفترات بسبب الاعتماد على إنتاج السكر من "البنجر" وعدم قدرة مزارعي محافظات الصعيد على الاستمرار في زراعة هذا المحصول الذي يواجه العديد من الأزمات سواءً كان بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة أو انتشار الأمراض في النباتات بسبب التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.
ويضيف أبو الفتوح أن القصب متاح حصاده طوال العام لكم بكميات متفاوتة خاصة وأن الموسم الفعلي يكون في بداية العام، بالتالي المعروض منه حالياً قليل جداً مقارنة بالاستهلاك المطلوب، خاصة لقلة المساحات المزروعة حالياً من القصب مقارنة الأعوام الماضية.