تعتبر ظاهرة التغير المناخي من الظواهر التي لها تأثير على أغلب مناحي الحياة، ومن أهمها محاصيل الزراعة والإنتاج الزراعي، إذ أثرت التغيرات المناخية وتركت آثار سلبية وخيمة على الأنشطة الزراعية على مستوى العالم أجمع وليس مصر فقط، خاصة بسبب ارتفاع درجة الحرارة، والذي نشهده بشكل غير مسبوق مع ارتفاع ملوحة التربة، ما جعل كميات المحاصيل المنتجة مهدةة بشكل كبير، بسبب عدم قدرة النباتات على التكيف في الأجواء الحارة.
ومن الآثار السلبية أيضاً التي تشهدها الزراعات المصرية بسبب ارتفاع درجة الحرارة والتغير المناخي الواقع وارتفاع نسبة الرطوبة، ويضاف إلى ذلك موجات الجفاف التي تحدث بفعل الاحتباس الحراري أيضا، ويكون من نتائجها الوخيمة إلحاق خسائر فادحة في المحاصيل الزراعية.، أن زادت أعداد الآفات الحشرية، مما يضر بإنتاج المحاصيل الأساسية مثل القمح وفول الصويا والذرة، وبالتالي قد يصل الأمر إلى تهديد الأمن الغذائي وإعاقة الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي.
أبو الفتوح: التغيرات المناخية ظاهرة حلها يكمن في معجزة ربانية
ويقول الدكتور جمال أبو الفتوح وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ أن ظاهرة التغير المناخي ظاهرة عالمية ومؤثرة بشكل كبير في جفاف الأراضي الزراعية بأنحاء الدول، حيث نجد المحاصيل قلت الكميات المنتجة منها بشكل كبير ما جعل الأسعار تسلك منحنى الارتفاع بشكل واضح، حتى وإن كانت محاصيل صيفية الزراعة، لكن في الماضي لم تسجل درجات الحرارة هذه المستويات، ولم ترتفع نسبة الرطوبة إلى هذا الكم.
ونوه وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ إلى أن درجة حرارة التربة نفسها ارتفعت لتعامد الشمس بشكل مستمر عليها ما جعل درجة الحرارة مرتفعة بشكل مستمر، منوهاً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لتحسين إدارة الموارد المائية وتطوير تقنيات الري الحديثة للتعامل مع نقص المياه، والاهتمام بالبحوث الزراعية لتطوير محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة العالية، بما يساعد على التكيف مع تغير المناخ ويحقق الاستدامة الزراعية.
ونوه إلى أن المحاصيل الصيفية مثل الذرة وغيرها من الأنواع الأخرى تتأثر بالحرارة بشكل آخر وليس في صورة افات أو حشرات، ومن الواجب على المزارعين أن يهتموا بأوقات الري ومحاولة إشباع التربة من المياه التي تقلل من معدلات الاحتباس الحراري داخل الأرض، لافتاً إلى أن التغيرات المناخية هي مشكلة حدثت دون تدخل بشري بالتالي الحل الجذري لها هو أمر إلهي فقط.
صيام: ارتفاع الحرارة يقلل إنتاجية المحاصيل ويزيد الواردات الزراعية
ويقول الدكتور جمال صيام خبير الاقتصاد الزراعي أن التغيرات المناخية التي تشهد البلاد والعالم أجمع قد تتسبب في أزمات غذائية كبيرة لتأثر المحاصيل الاستراتيجية ذات الأولوية القصوى في تحقيق الأمن والاستقرار الغذائي، ومن أهمها محصول القمح، وهو يعد من أهم محاصيل الحبوب، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تقليل إنتاجية القمح وإصابته بالآفات والأمراض، كما يؤثر الحرارة على جودة الحبوب وانخفاض محتواها من البروتين والجلوتين.
وأضاف أستاذ الاقتصاد الزراعي أن من المحاصيل الاستراتيجية الهامة أيضاً الذرة، والذي يعتبر محصول صيفي لكنه يتأثر أيضاً بالحرارة المرتفعة والرطوبة العالية واحتباس الحرارة داخل التربية، ما يؤدي إلى تقليل إنتاجيتها وتأخر نضجها وانخفاض محتواها الغذائي، ويعتبر أيضاً القطن من المحاصيل الإستراتيجية، الذي تؤثر التغيرات المناخية على إنتاجية وجودة أليافه، مما يؤدي إلى عدة أثار سلبية أهمها انخفاض الإنتاج وتراجع الصادرات ما يؤثر على تنفيذ هدف الحكومة المصرية إلى الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات.
وأشار الدكتور جمال صيام خبير الاقتصاد الزراعي إلى أن التغيرات المناخية تؤثر أيضاً على معدلات التضخم وذلك لأن محاصيل الخضروات والفاكهة تتأثر بشكل كبير مثل الطماطم على سبيل الذكر بالتالي يقل الانتاج فيقل المعروض فتزيد الأسعار طبقاً لميزان العرض والطلب، ويمكن القياس على ذلك معظم المحاصيل البستانية، إذ نجد ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى تقليل الإنتاجية وزيادة قابلية الثمار للتلف.
ولفت خبير الاقتصاد الزراعي، إلى أن مشكلة التغيرات المناخية وتأثيرها على المحاصيل الزراعية هي مشكلة حلها الأول أن نتضرع إلى الله أن يخفف علينا أولا، ثم بعدها يأتي دور الجهات المعنية المختصة بوجود حلول لذلك، إذ تبرز الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع التغيرات المناخية وتطوير أساليب زراعية أكثر مرونة وكفاءة في استخدام الموارد، خاصة وأن تأثير ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل يؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وتراجع الأمن الغذائي، كما يؤثر ذلك على الاقتصاد من خلال تراجع الصادرات الزراعية وزيادة الواردات لتلبية الاحتياجات المحلية.
أبو صدام: لابد من إرشادات دورية للفلاحين للتكييف مع التغيرات المناخية
ويقول الحاج حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين أن التغيرات المناخية مشكلة لها تأثير واضح يلمسها الفلاحين خلال حصاد المحاصيل، الذي يتأثر إنتاجها بشكل واضح بسبب التغيرات الجوية ودرجات الحرارة، ومن سلبيات تلك الظاهرة التي جعلت الحلول التي تنجح معها صعبة الايجاد لأنها تحتاج كميات مياه كثيرة للري وهذا يتعارض مع استراتيجيات الري الحديثة.
وذكر نقيب الفلاحين أن التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد تؤثر على المدى على مواعيد زراعة المحاصيل، ما يؤدي إلى الحاجة إلى تكييف مواعيد الزراعة، والذي يغير أيضاً في مواسم الحصاد، وسبب تقلبات في جودة وكمية المحاصيل المحصولة، لافتا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدى إلى تغير في النبوغ الزراعي ومواعيد نضج المحاصيل، وأنه قد نشهد تغير في انتشار الأمراض والآفات، إذ يمكن أن يزيد تغير المناخ من انتشار بعض الأمراض والآفات التي قد تؤثر على المحاصيل، وسيكون من اللازم أن نتوصل إلى أصناف نباتية متكيفة، إذ تتطلب هذه الظاهرة تطوير واستخدام أصناف نباتية تكون متكيفة مع ظروف الجو المتغيرة.
وأشار الحاج حسين أبو صدام نقيب عام الفلاحين إلى أن التغيرات المناخية تؤثر على خريطة توزيع المحاصيل الزراعية، إذ قد تؤدي إلى تغير في توزيع المحاصيل، حيث يمكن أن تصبح بعض المناطق أقل صالحية لبعض الزراعات وتصبح مناطق أخرى أكثر صلاحية، وكذلك التأثير على توافر المياه اللازمة للري، مما يضع ضغوطًا على الزراعة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على المياه.
ولفت أبو صدام إلى أن هذه الفترة تتطلب تفعيل دور الإرشاد الزراعي من قبل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي حتى توجه المزارعين إلى المحاصيل الزراعية الصالحة لكل نطاق زراعي وكذلك الموعد الأنسب لزراعتها والموعد الأنسب لحصادها أيضاً حتى لا يمس المزارعين خسائر هم غير قادرين على تحملها.