أظهرت بيانات وزارة الاستثمار السعودية استحواذ رجال أعمال مصريين على 950 ترخيصاً استثماريا من إجمالي 3157 ترخيصاً بنسبة قدرها 30% من التراخيص الصادرة عنها خلال الربع الأول من العام الحالي 2024، لتسجل نسبة نمو قدرها 148% مقارنة بالربع الأول من العام الماضي 2023، والتي سجلت فيه التراخيص 383 ترخيصا.
وتشير الأرقام إلى نمو كبير في توجه رؤوس الأموال والخبرات الاستثمارية المصرية لاستغلال الانفتاح الاقتصادي التي تنفذه المملكة العربية السعودية، ما يمثل خطرا على تآكل الاستثمارات المحلية داخل البلاد.
الدكتور حسن الصادي: تنمية الاستثمارات المحلية أولًا
الدكتور حسن الصادي أستاذ اقتصاديات التمويل والاستثمار بكلية التجارة جامعة القاهرة، يرى أن الأرقام توضح التطور الكبير في السوق السعودي ونمو قدرته على اجتذاب الاستثمارت والذي انعكس على توجه عددا من المجموعات العقارية للأسواق الخليجية باستثمارات ضخمة اقتربت من المليار ونصف دولار، لكن علينا التفكير بطريقة كيف تتخذ مصر خطوات لتنمية الاستثمارات المحلية أولا والأجنبية في مرحلة تالية، لأن المستثمر الأجنبي لن يأتي للبلاد إلا في ظل ازدهار نمو استثمارات رجال الأعمال المصريين، لذا فالمحافظة على رؤوس الأموال الداخلية حاليا أولوية للاقتصاد المصري.
وأوضح الصادي في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم»، أن الضرائب لدينا تمثل عائقا أمام المستثمر المحلي حيث إن جميع الامتيازات الممنوحة له في البداية، تتآكل بفعل الضرائب المتعددة التي تفرضها وزارة المالية بصور مختلفة وفي مقدمتها ضريبة القيمة المضافة المقدرة بـ14%.
لا دعم للقطاع العقاري ولا قروض مخفضة للمستثمر
وحذر من تقديم الدعم للقطاع العقاري الذي برهن التاريخ على فشله في تحقيق النمو الاقتصادي، كما أن الدعم لا يجب أن يُقدم للمستثمر المحلي في صورة قروض ميسرة كما جرى في السابق بفائدة 5%، لأن التجربة أثبتت أن الجزء الأكبر منها استولى عليه كبار المستثمرين لتمويل مشروعاتهم الضخمة تاركين رؤوس أموالهم في البنوك بفوائد بلغت حينها 18% تقريبا ولم يحصل أصحاب المشروعات الصغيرة على هذه القروض إلا فيما ندر.
بينما الدعم والحوافز المقدمة لا مفر من أن تكون لقطاعات الزراعة والصناعة، وتكون ممثلة في جوانب على رأسها الحزم الضريبية المخفضة أو الاعفاء الكامل والتي لن تؤثر على موازنة الدولة كما يُخيل للبعض بل على العكس سنرى انعكاسا أكبر في ازدهار الصذناعات الصغيرة المكملة للصناعة الأساسية وكذلك ازدهار شبكات التوزيع للمنتجات بما يجلب للدولة ضرائب ويقلل من البطالة وغيرها من الفوائد الاقتصادية التي ستغري المستثمر الأجنبي للقدوم والاستفادة من التيسيرات المقدمة وفي الوقت ذاته تزدهر لدينا عملية المنافسة بما يعود على توافر المنتجات بأسعار وجودة مناسبة.
ونصح بأن الهدف من وراء جذب الاستثمار في الصناعة أو الزراعة يجب أن يؤسس لحلقات إنتاج مترابطة وليس سلاسل توزيع مهمتها استيراد وتوزيع السلع فقط، فكلما ترابطت حلقات الإنتاج كلما زاد عدد العمالة والعوائد الضريبية لاحقا وحجم ضخ الاستثمارات في شريان الاقتصاد.
وضرب الصادي مثالا بازدهار نشاط المطاعم في مصر في وقت من الأوقات بعد أن رأى المستثمر نجاح القطاع وقدرة السوق على استيعاب المزيد من الاستثمارات وهو ما نسميه في قطاع الأعمال "الفلوس بتجيب فلوس" أي أن المستثمر عندما يرى مكاسب في مشروع ما فإن مستثمرين آخرين سيقبلون على الاستثمار في ذات القطاع وليس المقصود المطاعم فقط بل وفي القطاع الصناعي والزراعي وغيرهم، ولن يلجأ للادخار في القطاع العقاري كما نرى الآن البعض يحتفظ بأمواله في عقارات يتجاوز ثمنها حاجز الـ25 مليون جنيه.
استثمارات مصرية تنتقل للملكة العربية السعودية
وانتقلت كثيرا من المطاعم المصرية للسوق السعودي منذ سنوات؛ ما دعم من نمو قطاع المطاعم في السعودية خلال العام الماضي بنسبة 5% وفقا لبيانات شركة فودكس المتخصصة في قطاع المطاعم.
وحاليا انتقلت الأعمال المصرية في السعودية إلى قطاعات جديدة بحسب حديث محمد جنيدي رئيس لجنة الصناعة بمجلس الأعمال المصري السعودي، والذي أكد خلاله أن التراخيص الصادرة في الربع الأول من 2024؛ أغلبها يعبر عن شراكات مصرية سعودية لنقل خبرة رجال الأعمال المصريين في قطاعات بعينها على رأسها صناعة الأدوات الكهربائية ومواد البناء.
ونقل ناصف ساويرس رجل الأعمال المصري نقل مقره مكتب العائلة الاستثماري إلى إمارة أبو ظبي الإماراتية نهاية العام الماضي، معلنا حينها أن الانتقال يأتي تعبيرا عن أهمية دولة الإمارات الشقيقة في القطاع المالي في منطقة الشرق الأوسط والعالم وما يحققه هذا الانتقال من نمو لأنشطة المجموعة.
كما يعد استحواذ مجموعة طلعت مصطفى القابضة عن البدء في إنشاء "مدينة بنان" على الأراضي السعودية من خلال الذراع الاستثماري للمجموعة في المملكة (مجموعة طلعت مصطفى السعودية للتطوير العقارى) بإجمالي استثمارات تصل إلى 31.4 مليار ريال سعودي تقريبا.
وكلها بيانات وأرقام تشكل حاجزا لنمو الاقتصاد المصري في ظل انتقال رؤوس الأموال الوطنية إلى الدول الأخرى لأسباب يؤكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، أن بحثها يجب أن يكون من خلال رجال الأعمال ذاتهم الذين قرروا الانتقال لأجل توفير المميزات والفرص المتوافرة في الأسواق الخليجية حاليا.