دبلوماسيون: تأسيس إدارة جديدة بالسودان يزيد مخاوف الانقسامات

الخميس 18 ابريل 2024 | 07:41 مساءً
كتب : أحمد عبد الرحمن

في خطوة غير متوقعة، شكلت قوات الدعم السريع إدارة مدنية لولاية الجزيرة وسط السودان تضم 31 عضوا بقيادة صادق أحمد، ويأتي هذا القرار بعد الفوضى التي شهدتها الولاية منذ انسحاب الجيش من قاعدة ود مدني في ديسمبر من العام الماضي، وسيطرت عليها مليشيات، ما أدى إلى زيادة مخاوف الكثيرين من تقسيم السودان.

وفي تعليقه على هذه الخطوة، يرى السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفاقم الانقسامات في السودان وقيام حكومات مختلفة.

وأضاف حليمة في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الدعم السريع في تلك المناطق لا يمكن إنكارها، بما في ذلك القتل والنهب، مؤكدًا أن إنشاء الإدارة المدنية من قبل مليشيا الدعم محاولة لتجميل صورتهم أمام المجتمع الدولي.

وأكد السفير صلاح حليمة، أن المجلس المصري للشؤون الخارجية بصدد طرح مبادرة مجتمعية من داخل المجتمع السوداني المدني بمشاركة كافة القوى والأحزاب والأطياف السودانية في إطار حوار سوداني سوداني.

وأشار رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية إلى أن المبادرة تتسم بشمولية الآليات في إطار مجموعة اتصال تتكون من دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية التي شاركت في المبادرات السودانية من قبل وهى الاتحاد الإفريقي وإيجاد والأمم المتحدة والجامعة العربية.

ونوه إلى أن الآلية الأولى التي ستعمل عليها المبادرة هى الاتصالات المكثفة بين دول جوار السودان والمنظمات الدولية، والآلية الثانية تشمل إقامة مؤتمر يضم القوى والأحزاب السوانية المختلفة.

وأوضح أن الحوار يدور بين 4 مسارات وهم: مسار أمني عسكري مرتبط بوقف إطلاق النار والترتيبات وما يعقبها، ثم مسار إنساني يعالج الأوضاع الإنسانية في كافة جوانبها من النازحين واللاجئين والنظام الصحي والبنية التحتية.

وتابع:" أن الخطوة الثالثة هى المحور السياسي للتوصل لفترة انتقالية يكون فيها نظام حكم مدني يقوم على أساس حكومة كفاءات على ألا يتولى أحدًا ممن يذهب إلى أي منصب في الفترة الانتقالية أي مناصب في فترة بعد الانتخابات لتجنب الصراع المحتدم حاليًا بين الأحزاب والقوى السياسية على السلطة والسيطرة على النفوذ، بينما المسار الرابع هو إعادة البناء والإعمار والحفاظ على الحضارة السودانية".

وأرجح حليمة، انفجار الموقف في السودان إلى فشل قوى الحرية والتغيير في ضم أطراف أخرى لديها، ورفضها تواجد أي أحزاب سياسية أخرى تشاركها السلطة في الفترة الانتقالية، فأصبحت تقوم بإقصاء الآخرين عن السلطة.

 واستكمل حديثه قائلًا:" إن هذه الصراع المسلح صنع نوعًا من الازدواجية في المكون العسكري وأصبح وضع مليشيا الدعم السريع موازيًا للقوات المسلحة، وجعلت تابعية الدعم السريع لسلطة أعلى من السلطة التي يتبعها الجيش، والنقطة الثالثة أنهم أعطوا فترة 10 سنوات لعملية الدمج للدعم السريع في القوات المسلحة، وكان المفهوم لها أن الدعم السريع سيصبح هو القوات المسلحة، والجيش يتبع الدعم السريع".

وأكد الصراع الموجود حاليًا بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة يبدوا في ظاهره صراعًا على السلطة والسيطرة على الثروة والنفوذ، ولكنه في نفس الوقت هو صراع من أجل البقاء.

ومن جانبها، قالت السفير منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الأقول متضاربة حول تأسيس إدارة مدنية لولاية جزيرة السودان، والوضع في ولايات السودان المختفلة، فهناك رفض شعبي لقوات الدعم السريع لتاريخها الدموي في إقليم دارفور.

وأضاف عمر في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الشعب السوداني يرفض مليشيا الدعم السريع كونها صنيعة نظام البشير السابق حيث كانت ذراعه الأيمن في أعمال العنف التي انتشرت في إقليم دارفور.

وأشارت مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن الشعب السوداني لم ينس خلفية تلك القوات التي ظهرت جليًا في سلوكها العدواني داخل العاصمة الخرطوم والمناطق الأخرى التي هاجمتها، مؤكدة أن إعلان قوات الدعم السريع لن يكون لها ظهير شعبي تستمد شرعيتها منه.

وأكدت أن دول الجوار وخاصة مصر لن تقبل بهذه الخطوة باعتبار أن الجيش الممثل الشرعي للحكومة السودانية وتتسق مع وجهة النظر المصرية المواقف الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة وأمريكا ودول أخرى.

وأوضحت أن الإدارة المدنية التي أعلنت قوات الدعم السريع عن تأسيسها لن تجد مساندة حقيقية سواء على المستوى المحلى أو الإقليمي أو دولي ومن ثم لن يكون هناك اتجاه عالمي لقبول تقسيم السودان بل يتفق الجميع على الحفاظ على السودان موحد .

وترى السفيرة منى عمر، أنه لا بد أن تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية نفوذها لدى الدول الإقليمية التي تقدم الدعم لقوات الدعم السريع لتحجيمه وإجباره على الدخول في مفاوضات جادة مع الجيش السوداني لوقف هذه الحرب التي تقوض أركان الدولة السودانية وتنذر بتصاعد التهديدات الأمنية لدول الجوار وزيادة عدد اللاجئين من الشعب السوداني الفارين من جحيم الحرب.

وقال الدكتور على أحمد جاد، أستاذ العلوم السياسية، وئيس مركز الدراسات الأفريقية، إن تأسيس قوات الدعم السريع إدارة مدنية بولاية الجزيرة خطوة غير فعالة وقد تزيد من تأجج الصراع.

وأضاف جاد في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم»، أن عدم فعالية هذه الإدارة الجديدة يكمن في عدم قدرتها على تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين خاصة تلك المتعلقة بسيادة الدولة، في ظل انتهاكات قوات الدعم السريع الجسيمة بحق المواطنين السودانيين المدنيين.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن خطوة تقسيم الدولة لا بد أن تحدث بموافقة أغلبية سكان الأقاليم المنفصلة، مضيفًا أن جميع المناطق التي تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع ترفض فكرة الانفصال تمامًا وتتمسك بوحدة السودان.