توعد الرئيس الأمريكي، جوبايدن، بالرد على الهجوم الذي أسفر عن مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة 34 آخرين في غارة بطائرتين مسيرتين استهدفا برج 22 بقاعدة التنف بالقرب من الحدود الأردنية السورية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تدرس خيارات الرد على هذا الهجوم.
واتفق خبراء ودبلوماسيون على هامش حديثهم مع جريدة «بلدنا اليوم» أن الرد الأمريكي على الهجوم لا يستهدف الداخل الإيراني، وأنما سيشمل الأذرع الإيرانية في المنطقة كالعراق وسوريا واليمن والبحر الأحمر ولبنان.
وأكدوا أن احتمالية أن يؤدي الصراع بين واشنطن وطهران إلى فجوة وحرب إقليمية كبرى، نتيجة استمرار الضربات الإيرانية على القواعد الأمريكية في المنطقة والتي بلغت 160 استهدافا منذ السابع من أكتوبر الماضي واندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بجانب تهديد حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر.
وأكد على تمي المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي، أن واشنطن حريصة كل الحرص على عدم توسيع دائرة الصراع في الشرق الأوسط، مرجعًا ذلك أن توتر الأوضاع في المنطقة يخدم مصالح إيران.
وأضاف تمي في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن طهران تحاول استدراج دول عربية إلى هذه المعركة لأسباب كثيرة منها وقف عمليات التطبيع بين الرياض وتل أبيب، ونشوب خلافات بين مصر وإسرائيل، لافتًا أن القاهرة تتعامل مع الحرب على غزة بحكمة وهدوء مرجعًا ذلك أن إسرائيل تحاول جر مصر إلى صراع مفتوح في غزة لتبرير تهجير ما تبقى من أهالي غزة إلى داخل سيناء المصرية.
وأشار المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي، أن الجماعات التي شنت هجومًا على برج 22 بقاعدة التنف العسكرية الأمريكية تتبع بالأساس إيران ودول أخرى، وعناصر استخباراتية تقود هذه الجماعات، مؤكدًا أن الصراع الإيراني الأمريكي حاليا قائم من خلال هذه الأدوات، مرجحًا تجنب واشنطن التصادم مع طهران ريثما تنتهي الحرب على قطاع غزة.
وحول إمكانية اندلاع نزاع إقليمي واسع النطاق بسبب مقتل 3 جنود أمريكيين في تفجير قاعدة التنف، لفت أن إيران تعمل بشتى الوسائل لجر دول الخليج إلى هذه المواجهة، مضيفًا أن طهران تستقوى اليوم بالتنين الصيني والدب الروسي، ما جعل واشنطن تتردد في الدخول في مواجهة مفتوحة في المنطقة.
واستبعد تمي مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في رد الولايات المتحدة على هجوم قاعدة التنف، مضيفًا أن القصف التركي حول مناطقها إلى كيان هش ودمر البنية التحية التي كانت تستخدم هذه المواقع لأغراض لوجستية في مواجهتها مع تنظيم الدولة من جهة ومع الجيش التركي من جهة أخرى، مؤكدًا أن قسد باتت ضعيفة وخاصة قوات العشائر في دير الزور قلبت المعادلة ووضعت قسد في موقع لا يحسد عليه، وهى في انتظار اتفاق تركي أمريكي حول شرق الفرات.
وعن استعداد الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات على إيران، قال إن الرئيس الأمريكي، جو بايدن ينتظر انتهاء الحرب في غزة وبعدها ستنتقل المواجهة إلى داخل الأراضي السورية لأنها نقطة ضعف لدى واشنطن بسبب قواعد المكشوفة دون حماية في المنطقة.
وأوضح أن طهران تمتلك نفوذ قوية في العراق ولبنان وسوريا واليمن ما يجعل أي مواجهة مع واشنطن تدخل المنطقة برمتها إلى حرب شاملة، مؤكدًا أن المستفيد الأكبر من هذه الحرب هي الصين التي تنتظر فرصة لاجتياح تايوان، وموسكو تريد أشغال الغرب بحروب مفتوحة في الشرق الأوسط حتى تقلب الموازين في أوكرانيا، ومن جهة تحاول إرضاء اللوبي اليهودي، ومن ناحية أخرى تحاول عدم إغضاب القاهرة ودول الخليج، مرجحًا أن يكون العام الجاري أكثر دموية بالمقارنة مع الأعوام السابقة.
وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن قاعدة البرج 22 تقع على الحدود الأردنية السورية مقابل قاعدة التنف وهي تقدم الدعم اللوجستي لقاعدة التنف على الأرض السورية .
وأضاف بيومي في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن أمريكا سترد بالتأكيد على الضربة المؤلمة لقاعدة البرج 22 لكنها لا تريد الدخول في حرب مباشرة مع إيران، أما مسألة ضربة مقابل ضربة فهي أيضا ليست مريحة للأمريكيين، وبالتالي يتوقع أن تكون هناك ضربات موجعة وغالبا ستكون جنوب شرق التنف وشمال التنف حيث تتواجد المليشيات الإيرانية.
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك خطة قديمة لتطهير الحدود العراقية السورية والأردنية السورية من هذه الميليشيات وقطع الطريق البري بين إيران ودمشق .
وحول الأسباب التي دفعت هذه الميليشيات لتحقيق إصابات مباشرة على عكس الضربات السابقة لفت أنها المراقبة الجيدة للموقع نظرًا لقربها منها، وكذلك الدعم اللوجستي الذي قدمته إيران بالإضافة لعدم توقع الأمريكيين ذلك حيث تعودوا أن ضربات إيران عبر وكلائها عادة ما تكون شبه وهمية لتحقيق نصر إعلامي ولذلك لم يأخذوا احتياطاتهم بشكل كاف.
وأكد السفير جمال بيومي، أن احتمالًا أن يؤدي هذا الصراع إلى فجوة وحرب إقليمية كبرى وارد جدا، لأنه فيما يبدو أن إيران لن تتوقف عن استهداف المواقع الأمريكية فهي نفذت منذ السابع من أكتوبر أكثر من مئة وستين ضربة على القواعد الأمريكية، مضيفًا أن أمريكا أمام خيارين إما أن تنسحب من سوريا والعراق وهذا يعتبر هزيمة وإما أن تدخل في حرب واسعة وهو ما سيفرض عليها غالبا فلا نية لأمريكا حاليا في هذه الحرب .
وأوضح أن أمريكا ستستخدم قوات سوريا الديمقراطية وعموم القوات الكردية سواء في العراق أو إيران كقوات برية ضد إيران إذا قامت حرب فعلية ضد إيران وميليشياتها في سوريا والعراق أما إذا كانت مجرد ضربات جوية ضمن حق الرد فلن تشارك هذه القوات في شيء .
وتابع:" أن إدارة بايدن فإنها تبدو متخبطة بخصوص الملف الإيراني وهي أكثر لينًا في التعامل معه وتسعى للمفاوضات بدل الدخول في حرب كبرى لكن الموقف الإيراني المتعنت وهجماتها في البحر الأحمر وسوريا والعراق ستزيد الضغط على إدارة بايدن لفرض المزيد من العقوبات على إيران أما فيما يتعلق بقيام حرب عالمية ثالثة فالعالم كله يغلي حسب المعطيات لكنها لكن تكون قريبة في كل الأحوال".
وبدوره، يرى محمود علوش، الباحث في العلاقات الدولية، إن هناك خيارات عديدة لدى الرئيس بايدن للرد على الهجوم وتتنوع بين شن ضربات موسعة ضد الجماعات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واستهداف قوات الحرس الثوري المنتشرة في البلدين أو حتى شن ضربات داخل إيران وإن بدا هذا الخيار مستبعد بشدة.
وأضاف علوش في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الرد العسكري المرتقب سيوازن بين معاقبة المسؤولين عن الهجوم وإرسال رسالة ردع قوية لإيران ووكلائها وبين تجنب تصعيد الاضطرابات الإقليمية، لافتًا أن واشنطن في موقف سيء في هذه المعادلة.
وأشار الباحث في العلاقات الدولية، أن هجوم الجماعات المدعومة من إيران على قاعدة التنف الأمريكية العسكرية مصمم لرفع التكاليف على الوجود العسكري الأمريكي في سوريا والعراق، مؤكدًا أن طهران تنظر إلى أن رفع التكاليف يضغط على بايدن للتعجيل بالانسحاب العسكري من سوريا والعراق، مشيرًا أن الإدارة الإيرانية تتعامل مع الاضطرابات الراهنة على أنها فرصة حاسمة لتحقيق هذا الهدف.
وأكد أنه على الرغم من المخاطر المتزايدة جراء هذا التصعيد، إلا أن هناك إرادة لدى واشنطن وطهران لمنع تطوره إلى حرب إقليمية، موضحًا أن الفعل ورد الفعل والحسابات الخاطئة قد تؤدي جميعها إلى نتائج كارثية.
وتابع:" أن بايدن يواجه مأزقًا داخليًا كبيرًا لإظهار قدرته على وضع خطوط حمراء أمام إيران ومعاقبتها مع وكلائها على الهجوم الأخير، وسياسة فرض عقوبات جديدة على إيران متاح أمام واشنطن لكن استخدامها لن يصل إلى الحد الذي وصله ترامب".