أصبح المواطن محاطا بكم من التصريحات المتناقضة الصادرة عن المسئولين باقتراب حل أزمات ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، بعد أزمات متتالية في السلع وعلى رأسها السكر فضلا عن أسعار الأرز واللحوم الحمراء والدواجن والخضروات.
منذ تولي الدكتور على السيد مصيلحي وزارة التموين والفشل في توفير السلع وضبط أسعارها يلاحق الوزارة المعنية بتحقيق الأمن الغذائي بالأخص وقت الأزمات المتتالية منذ اندلاع الحرب الأوكرانية.
تعاون المواطن وتفهم ما تكبدته الدولة من استنزاف لعقود مضت وتحمل فوق طاقته إلا أن المصيلحي ومعاونيه لم يكونوا علي قدر الاستنفار العام الذي أعلنه الرئيس السيسي لتوفير الحياة الكريمة للمواطن والتي تبدأ من توفير السلع الاستراتيجية بأسعار مناسبة لدخل المواطن.
أزمة السكر مستمرة رغم تصريحات علي المصيلحي
تفاقمت أزمة ارتفاع أسعار السكر وعدم توافره بمنافذ التموين ووزارة الزراعة شهرا تلو الأخر، وتخطي سعر الكيلو حاجز ال55 جنيه في المحال التجارية.
ومع تزايد وتيرة الأزمة، خرج الوزير ونفي وجود أزمة من الأساس الأمر الذي دفع الإعلامي أحمد موسى بتوجيه النقد اللاذع له ببرنامجه قائلا "تصريحاتك عن السكر غير موفقة ولا تنطبق مع الواقع الذي نعيشه في ظل أزمة السكر".
وبينما تعلن الغرف التجارية بالقاهرة والجيزة عن توافر السكر بمنافذ المجمعات الاستهلاكية بسعر 27 جنيه للكيلو، تتخبط تصريحات وزارة التموين وقادتها عن زيادة الكمية المعروض من سلعة السكر لمواجهة نقصه، وتقرر صرف عدد واحد كيلو سكر حر للبطاقة التموينية التي بها 3 مستفيدين فأقل، وبصرف عدد 2 كيلو سكر حر للبطاقة المقيد عليها 4 مستفيدين فأكثر، بسعر 27 جنيها للكيلو وتسدد نقداً.
وبرهن القرار علي وجود أزمة متفاقمة في السكر بعد أن تكالب المواطنين في طوابير ممتدة للحصول علي كيلو سكر بسعر 27 جنيه بدلا من الأسعار التي كوت جيبوهم بعد أن وصل سعر الكيلو إلي 55 جنيه.
وبعد أن أصبحت أزمة السكر جلية واضحة؛ خرج الوزير ليقول للمواطن "استحملوا شوية من غير سكر"، مع إرسال التهديدات الجوفاء للتجار بتطبيق التسعيرة الجبرية حال استمرار ارتفاع أسعار السكر حتى 15 ديسمبر الماضي، وكالمعتاد عدت الفترة المتاحة ولم يُحرك ساكنا ولم تنخفض أسعار السكر، بل أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي أن التسعير الجبري ليس من الحلول المطروحة لمعالجة الأزمات.
وأثرت أزمة السكر علي أسعار الحلويات بالتبعية في موسم المولد النبوي، فتخطت العلبة ال1000 جنيه.
وما زاد من سخط الشارع علي الوزير، القبض علي مستشاري الدكتور على مصيلحي؛ لتواطئها مع المحتكرين لتعطيش سوق السكر عبر تخزين كميات هائلة من السكر التمويني لبيعها بالسوق الموازي وحرمان المصريين.
البصل والأرز والتموين لا يدري
وتكرارا لنفس السيناريو السابق، لاحقت المواطنين أزمة أسعار الأرز ووصل سعر الكيلو السائب ل 34 جنيه فيما يُباع بالمحال التجارية بسعر 36 جنيه للكيلو بما لا يتناسب مع إمكانية المواطن البسيط.
ولاحق الوزير الأزمة بتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع فقال: “مفيش أرز على التموين عشان يدوب الـ 50 جنيه بتقضي الزيت والسكر، فإزاي أنزل الأرز يتبهدل في التموين”.
وأثارت تلك التصريحات والتي رآها البعض غير ملاءمة لوزير دولة جدلاً واسعًا مما دفع المتحدث الرسمي عن الوزارة بمحاولة تحسين صورة أداء وزارته بتصريحه الغير دقيق عن توافر الأرز بشكل طبيعي وبوزنه المعتاد.
وعلى غرار جملة جنون البقر، بالأسواق بين المستهلكين وصغار التجار جملة"جنون البصل"والذي تخطت أسعاره ال 45 جنيه للكيلو زيادة أكثر من 400% خلال العام الجاري.
وتقدم عدد من أعضاء مجلس النواب بطلبات إحاطة للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، ووزيري الزراعة والتموين، بخصوص أزمة ارتفاع سعر البصل والسكر، والخضروات.
وحمَّل النائب ضياء الدين داوود والنائب عبد المنعم إمام، وزير التموين مسؤولية انفلات الأسعار، بسبب عدم الرقابة على الأسواق، واتخاذ إجراءات لضبط الأسعار.
وقد نشر هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، مقطع فيديو، عبر عبر صفحته الشخصية بموقع فيس بوك، يوضح ضبط آلاف الأطنان من البصل، والتحفظ عليها وكتب أسفل المقطع " محتكرو البصل في قبضة الأجهزة الرقابية"؛ فأين كانت هذه الأجهزة قبل تفاقم الأزمة؟! .
وجاءت ردود وزارة التموين المحبطة والغير مقنعة بأن السبب في ارتفاع أسعار البصل والثوم يرجع لتصدير كميات كبيرة منهما دون النظر لتلاعب التجار والاعتراف بوجود خلل رقابي بوزارة منوطة بإطعام شعب مما دفع رئاسة مجلس الوزراء للتدخل المباشر وتولي المسؤلية عن وزارة مرتعشة الأداء، فأصدر قرار منع تصدير البصل والثوم ل 3 أشهر قادمة.
ولا تتوقف أزمات السلع عند البصل أو الأرز ولا السكر، فاللحوم الحمراء وتجاوز أسعارها ال 280 جنيه للكيلو بمنافذ بيع وزارة التموين ، فضلا عن الارتفاع الجنوني لأسعار الدواجن والذي تخطى ال 200 جنيه خلال رمضان الماضي _فحدث ولا حرج_ وكانت ردود شعبتي القصابين والثروة الداجنة بأن المتسبب الرئيسي لهذا الارتفاع المبالغ فيه هم كبار التجار البعيدين عن المراقبة.
وقف إضافة المواليد علي بطاقات التموينوفيما يتعلق بوقف بطاقات التموين للأبناء فقد أُثيرت هذة الإشكالية استياء الكثيرين حيث أكد الدكتور على المصيلحى ، أنه لا يوجد إضافة المواليد على البطاقات التموينية حاليا إلا لأبناء أسر الضمان الاجتماعي وأسر تكافل وكرامة وأبناء الشهداء وبعض الحالات الخاصة من الأسر الأولى بالرعاية.
وبسؤال موقع بلدنا اليوم مسؤول بطاقات التموين بالوزارة عن أسباب حدوث هذا اللغط في حصول البعض وحرمان البعض الآخر من أحقية أبناءه في حصة تموينية، رفض إبداء أي تصريحات هذة الآونة ، مما آثار الشكوك حول القرارات المتعلقة بأحقية المنتفعين بالبطاقات التموينية، وإن كان بين الحين والأخر يتم جمع الأوراق اللازمة من المواطنين ولكن بلا جدوي حيث تبيت الأوراق بلا جديد.
ومع تصاعد هذه الأحداث نجد قرار الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بإقالة أيمن حسام رئيس جهاز حماية المستهلك الأسبق وتعيين إبراهيم السجيني خلفا له والذي كانت آخر تصريحاته " نحتاج أن الدولة والأجهزة الرقابية تتواجد في السوق" مؤكدا على أن الفترة الماضية شهدت حركات حجب كثيرة لعدد من السلع على رأسها سلعة السكر وكأن هذا القرار بمثابة عقار المسكن لداء "جوع المصريين".
وفي ظل استمرار سخونة الأحداث وغليان البطون الجائعة واستهتار مسئولي وزارة قوت الشعب نجد قيام هيئة الرقابة الإدارية بضبط مجموعة من أصحاب منافذ مشروع جمعيتي بنطاق محافظة القاهرة، ومسئول مشروع جمعيتي بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، وعدد من المحاسبين، وكذلك العضو المنتدب المالي بالشركة لقيامهم بالتلاعب في مستندات وأذون صرف السلع لبعض منافذ جمعيتي بمحافظة القاهرة، و إحالتهم إلي نيابة الأموال العامة للتحقيق معهم طبقاً للإجراءات القانونية المتبعة.
ويعلق جودة عبدالخالق وزير التموين الأسبق في حديث خاص لموقع "بلدنا اليوم" تُعد وزارة التموين هي الوزارة المنوطة بقوت الشعب المصري وخاصة قوت الطبقة الكادحة من هذا الشعب ، الأمر الذي يتطلب خلق رؤية واضحة يندرج منها محورين أساسيين هما توفير السلع للمواطن وتنظيم الأسواق والرقابة عليها.
وأضاف عبدالخالق أن تنظيم الأسواق يتمثل في ضبط التجارة من خلال إرساء القواعد التي تطبق لممارسة تجارة السلع الغذائية بالأسواق مما يستوجب التنحي عن ممارسة البيروقراطية بوضع جزاءات بسيطة يمكن تداركها بسهولة حال تحرير المحاضر التموينية ومن ثم خلق مناخا ملاءما للاستمرار في الفساد.
وأردف وزير التموين الأسبق أن أهم أسباب تفاقم وتعدد أزمات وزارة التموين الحالية تمحورت في التصور الخاطئ بكونها اللاعب الوحيد في الساحة بإصدارها لقرارات غير مدروسة وغير مطابقة للظروف وغير قابلة للتنفيذ مما يُخالف النواحي السياسية والفنية ، مؤكدا على ضرورة دراسة القرارات ومشاركة الحوار مع الجهة الأم المتمثلة في الاتحاد العام للغرف التجارية ثم تفعيلها بمنتهى الحسم و الحزم لتفادي الانفلات الصارخ في أسعار السلع الحادث لفترات طويلة مضت اثقلت كاهل المواطن البسيط وأحالته لضحية قرارات خاطئة أُتُخِذت بعشوائية مما شكلت بؤر فساد بين العاملين بوزارة قوت الشعب تفحشت بصورة سريعة بات من الصعب تداركها .
وأردف عبدالخالق بضرورة تغليظ العقوبة عن طريق شقين إحدهما مدني يتمثل في حرمان المخالف من نتائج مخالفته أما الشق الثاني فيتمثل في الشق الجنائي بعقوبته الرادعة
ولكن يبقى الوضع كما هو عليه وتبقى الأسعار كما كانت إن لم تكن في إزدياد ويستمر ماراثون ازدياد أسعار قوت الشعب.
وفي ظل فترة رئاسية جديدة تعلق عليها الشعب المصري آمالا كبيرة لجني ثمار السنوات العشر الماضية.. ألم يحن وقت رحيل المصيلحي وإعطاء الفرصة لأخرين؟!.