عاطف الطيب.. حلو ومر في أيام «مخرج الغلابة»

الثلاثاء 26 ديسمبر 2023 | 12:13 مساءً
عاطف الطيب
عاطف الطيب
كتب : محمد أحمد أبو زيد

يمتلك قلبا مهموماً بالغلابة، وتربكه قضاياهم، لا يملك سوى كاميرا ترصد ما يدور في الشوارع وخلف الأبواب المغلقة، يبحث عن أبطال أفلامه من المهمشين وينقلهم من الواقع إلي شاشة السينما، تجد "حسن" في "سواق الأتوبيس"، و"منتصر" في "الهروب" و"أحمد سبع الليل" في "البرئ"، كان صوت البسطاء والمعبر عنهم دون زيف وبلا تجميل، هو أعظم مخرجي السينما ورائد الواقعية الجديدة، هو العبقري عاطف الطيب.

ولد عاطف الطيب في 26 ديسمبر 1947، بمركز المراغة في سوهاج، لأسرة متوسطة الحال سافرت إلي القاهرة واستقرت في حي بولاق الدكرور، أنشأ والده محل صغير لبيع الألبان، وكان "عاطف" يساعده في توزيع "الزبادي" على سكان الحي، وعمل في إحدى صالات الأفراح وهو طالبا في المرحلة الثانوية، وما إن حصل على الثانوية حتى التحق بالمعهد العالي للسينما، قسم الإخراج.

خلال دراسته بمعهد السينما عمل مساعداً للمخرج محمد بكير في فيلم " 3 وجوه للحب" 1969، وتخرج من المعهد في 1970، وفي العام التالي التحق بالجيش وقضى 5 سنوات شارك خلالها في حرب أكتوبر 1973، وخلال أداءه الخدمة العسكرية قدم أول فيلم تسجيلي له "جريدة الصباح" 1972، وعمل مع عدد من أهم المخرجين كمساعد مخرج أبرزهم شادي عبد السلام في فيلمي "جيوش الشمس، المقايضة"، ومع محمد بسيوني في فيلم "ابتسامة واحدة تكفي"، ومع يوسف شاهين في فيلم "إسكندرية ليه".

عمل "الطيب" كمساعد مخرج في عدة أفلام أجنبية كان يتم تصويرها في مصر آنذاك أبرزها "توت عنخ أمون، الجاسوس الذي أحبني، جريمة على النيل، الصحوة"، وكانت أول أفلامه الروائية الطويلة "الغيرة القاتلة" 1982 مع بطله الأول نور الشريف الذي قدم له في نفس العام فيلم "سواق الأتوبيس" وتألق نور الشريف في دور "حسن سلطان" وحصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان نيودلهي، بينما عاطف الطيب جائزة العمل الأول في مهرجان أيام قرطاج السينمائية.

قدم لـ نور الشريف سبعة أفلام آخرى هي "الزمار، ضربة، قلب الليل، كتيبة الإعدام، دماء على الأسفلت، ناجي العلي، ليلة ساخنة"، وكوّن ثنائيا مع أحمد زكي، وكانت البداية من "التخشيبة" 1984، وتوالت الأفلام أبرزها "الحب فوق هضبة الهرم، البريء، الهروب، ضد الحكومة" والذي قدم فيه لبلبة وأبو بكر عزت في أدوار أظهرت قدراتهما التمثيلية ليعيد اكتشافهما من جديد.

كان عاطف الطيب صانع أسطورة الكبار فقدم مع محمود عبد العزيز "أبناء وقتلة، الدنيا على جناح يمامة" ومع نبيلة عبيد "كشف المستور"، ومع ليلى علوي "البدرون، ضربة معلم، إنذار بالطاعة" ويعد الأخير واحد من أجمل أدوار محمود حميدة.

تعاون مع كبار الكتاب فقدم مع صديقه السيناريست بشير الديك 5 أفلام "سواق الأتوبيس، ناجي العلي، ضربة معلم، ضد الحكومة، جبر الخواطر" ومع وحيد حامد 5 أفلام "البريء، التخشيبة، الدنيا على جناح يمامة، كشف المستور، ملف في الآداب" ومع مصطفى محرم في 3 أفلام "الحب فوق هضبة الهرم، الهروب، أبناء وقتلة".

رحلة كفاح طويلة قضاها الطيب حبا في السينما والفن، يواصل الليل بالنهار لكي ينجز فيلما يرى النور، وما إن انتهى من تصوير آخر أفلامه "جبر الخواطر" للفنانة شريهان حتى دخل لإجراء عملية جراحية في القلب.

لم يتحمل قلبه "الطيب" وكان الموت أقرب له من النجاة وتوفي في 23 يونيو 1995، بينما تولى المونتير أحمد متولي مونتاج الفيلم بمفرده وعُرض "جبر الخواطر" في 1998بعد 3 سنوات من وفاته، وكانت حصيلة ما تركه عاطف الطيب هي 21 فيلمًا شاهدة على تفرده وعبقريته وحبه للسينما والناس، رحل الطيب وتبقى ذكراه حية في قلوب عشاقه وتبقى جملته خالدة "لا شئ يبهرني في هذا العالم إلا زوجتي والسينما".