خاص|فلسطينيون: الهدنة بين الاحتلال وحماس انتصار للمقاومة.. ووساطة الصين تحتاج لأوراق ضغط

الثلاثاء 28 نوفمبر 2023 | 06:44 مساءً
كتب : أحمد عبد الرحمن

تشهد الحرب في غزة انفراجة بعد توصل دولة الاحتلال الإسرائيلي لاتفاق مع الفصائل الفلسطينية لتمديد الهدنة ليومين إضافيين، بنفس الآلية السابقة وهى إطلاق سراح 3 فلسطينيين مقابل إسرائيلي واحد لدى المقاومة، بالتزامن مع دعوة الصين لعقد مؤتمر دولي لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحل الدولتين.

وأكدت القيادات الفلسطينية على هامش حديثها لجريدة «بلدنا اليوم» أن الهدنة التي تم التوصل لها بين الجانب الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية بوساطة مصرية قطرية تمنح حماس من التقاط أنفسها، وتساعدها على ترتيب أوضاعها الداخلية، كما تؤكد فشل دولة الاحتلال في تحقيق أهدافها المعلنة.

وأشاروا أن الوساطة الصينية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مؤثرة ولكنها تحتاج إلى أوراق ضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.

السفير بركات الفرا: الهدنة تؤكد فشل دولة الاحتلال في تحقيق أهدافها المعلنة

وقال السفير بركات الفرا، سفير فلسطين الأسبق فى القاهرة، إن الهدنة هي التقاط الأنفاس، ووقف مؤقت لصوت المدافع والطائرات، وإدخال مزيد من المساعدات بما فيها الوقود.

وأضاف الفرا في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الهدنة تمنح المقاومة الوقت لترتيب أوضاعها، وتؤكد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة، والقضاء على حماس وتحرير الأسرى.

وأشار سفير فلسطين الأسبق في القاهرة، أن الوضع في قطاع غزة أكبر من أن يوصف مأساة مكتملة الأركان، مضيفًا أنه لا أحد يستطيع أن يتوقع المستقبل نظرًا لتعقيد الوضع.

وأكد السفير بركات الفرا، أن الوساطة الصينية بإمكانها أن تلعب دورًا هامًا في القضية الفلسطينية فهي دولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن ولها علاقات ومصالح مع جميع دول الشرق الأوسط.

وتابع: أنه منذ سنوات دعا الرئيس أبو مازن لمؤتمر دولي لتطبيق حل الدولتين ولكن دون جدوى، أتنمنى أن يستجاب لدعوة الصين، ويجب أن يتمسك العرب بمبادرة السلام العربية وتسويقها بشكل جيد، والأوضاع ستكون مهيئة لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود خط الرابع من يونيو 1967.

قيادي فتحاوي: غزة ستشهد تصعيدًا خطيرًا بعد تحرير الأسرى الإسرائيليين

وبدوره، يرى الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح، وأستاذ العلوم السياسية، أن الهدنة التي تم الاتفاق عليها بين قوات الاحتلال الإسرائيلي، والفصائل الفلسطينية التقاط أنفاس وليس نهاية للحرب الدائرة.

وأضاف الرقب في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الاحتلال الإسرائيلي سيعود إلى مهاجمة قطاع غزة بشكل عنيف بعد تحرير أسراه وتصعيد خطير جدًا ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

وأشار القيادي في حركة فتح، أن الوفد العربي والإسلامي اتفق مع السلطات الصينية على إقامة مؤتمر دولي للسلام، مؤكدًا أن أمريكا هى من تملك أوراق الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال أستاذ العلوم السياسية، إن دور روسيا والصين مؤثر ولكنه غير كافي للضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف القصف وتسوية الأزمة سياسيًا.

وحول الدور الإقليمي لإنهاء الأزمة، أكد أن القمة العربية الإسلامية لم تضع آليات واضحة للضغط على قوات الاحتلال، مؤكدًا أن دور الدول الإقليمية لا يزال محدودًا.

محلل فلسطيني: الصين تهتم بدور الوساطة بسبب مصالحها الاقتصادية  بالشرق الأوسط

وبدوره، قال الدكتور رائد نجم، المحلل السياسي الفلسطيني، إن التطورات الأخيرة في ملف تبادل الأسرى والهدنة المؤقتة، تبرز تساؤلات حول إمكانية إطالة الهدنة إلى درجة تحوّلها إلى وقف إطلاق نار بما يؤدي إلى تعطيل مواصلة العدوان الإسرائيلي على غزة.

وأضاف نجم في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن نتنياهو ومجلس حربه يحاولان طمأنة الإسرائيليين بأن الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها، بما فيها اجتياح جنوب القطاع، فان وقفها سيؤدي إلى وقف اندفاع الجيش نحو تحقيق أهدافه، ويزيد الضغط السياسي عليها نحو وقف كامل لإطلاق النار، ويفتح غزة أمام وسائل الإعلام لنقل الدمار والجرائم الواسعة والذي بدوره سيزيد من الضغط على إسرائيـل علاوة على مطالبة المؤسسات الدولية العاملة في الإغاثة إلى الدخول وتقديم المساعدات وهذا بدوره سيخلق ديناميات جديدة.

وتابع: وهذا يجعل مستقبل الحرب هو موضع التساؤل الرئيسي في ظل إصرار الإدارة الأمريكية على رفض وقف إطلاق النار رغم مطالبتها ومباركتها للهدنة الإنسانية ولصفقة الأسرى، وتأييدها لحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها وضرورة القضاء على قدرة حماس على تهديد أمن إسرائيل ومواطنيها، وهنا لا بد من الإشارة أن الموقف الإسرائيلي هو مواصلة الحرب إلى حين تحقيق الهدفين الذين حددتهما لحربها وهما القضاء على قدرات حماس السلطوية والعسكرية وإطلاق سراح أسراها من عزة.

وأشار أن الصفقة الحالية والهدنة لا تعطل خطط إسرائيل نحو تحقيق الهدفين بل تتكامل معهما إذ تسهم في إطلاق أسرى وتوفر الوقت لمراجعة الخطط التكتيكية والاستعداد لتوسيع الهجوم نحو جنوب قطاع غزة.

وأكد أن الصفقة والهدنة تشكلان فرصة لحكومة إسرائيل لتقديم إنجاز لجبهتها الداخلية التي زادت من ضغوطها عليها لإطلاق سراح الأسرى، وفرصة لتحسين موقفها الدولي باعتبارها تستجيب للدعوات الدولية بتنفيذ هدنة إنسانية وإدخال المساعدات وهو ما من شأنه تحسين صورة إسرائيل دولياً، ولكنها تشير كذلك إلى فشل إسرائيل في تحرير أسراها بالقوة رغم وصولها إلى قلب مدينة غزة، وهذا يعني أن إسرائيل ما زالت غارقة في فك شفرة شبكة الأنفاق والهجمات المضادة وحرب المدن المستمرة.

وأوضح أن الصفقة تشكل فرصة لحماس لالتقاط الأنفاس وتنظيم الصفوف والاستعداد للمراحل التالية من القتال، وتشير الصفقة إلى نية حماس إنجاح قناة الوساطة القطرية والحفاظ عليها وتطويرها نحو إمكانية الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم وعقد تفاهمات سياسية جديدة تضع حماس في صدارة المشهد السياسي الفلسطيني.

وأكد أن الصفقة تمثل فرصة لحماس لتقديم بادرة حسن نية للإدارة الأمريكية للانفتاح عليها كما حدث مع حركة طلبان، وتمثل كذلك فرصة لتقديم الصفقة كإنجاز وطني أمام الجمهور في ظل الدمار الواسع وارتفاع عدد الشهداء والجرحى إلى ما يقرب من خمسين ألف شهيد ومصاب، مضيفًا أنها تمثل فرصة لإعادة تعزيز مكانتها كحاكم لغزة بعد تأكل هذه المكانة نتيجة استهدافها الواسع من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

نجم: الهدنة تمثل نجاحًا سياسيًا لإدارة بايدن أمام الضغوط الداخلية من اليساريين

وأشار أن الصفقة تمثل نجاحًا سياسيًا لإدارة بايدن أمام الضغوط الداخلية من اليساريين والتقدميين في الحزب الديمقراطي المعارضين لسياسة بايدن في الحرب على غزة مما يعدل من حدة مواقفهم ومواقف الجاليتين العربية والإسلامية ولا سيما وأن الولايات المتحدة ستدخل بعد شهر إلى العام الانتخابي وهي بحاجة لتحسين مكانتها بين جمهور ناخبيها في ظل سعي بايدن لدورة رئاسية ثانية.

ولفت أنها تمثل أيضًا نجاحاً للدبلوماسية المصرية والقطرية في إنجاح الصفقة تأكيداً للدور المصري الذي لا غنى عنه في الملف الفلسطيني، والدور القطري نظراً لعلاقته مع حماس وجماعات الإسلام السياسي بصورة عامة، مشيرًا أنها تتفق مع دعوة مصر لوقف إطلاق نار شامل وإدخال المساعدات ووقف التهجير القصري والدخول إلى مسار سياسي يعالج جذور الصراع ويترك مسألة مستقبل غزة للتوافق الفلسطيني الفلسطيني وليس للآلة العسكرية الإسرائيلية.

وتابع: السيناريوهات المتوقعة لما بعد الحرب تبدو أن ينجح الاحتلال في أسوأ الأحوال في تدمير قطاع غزة ودفع الفلسطينيين بفعل الإبادة والمجازر والتطهير العرقي إلى تهجير الفلسطينيين قسرا إلى سيناء أو مصر أو إلى دول أخرى.

وأضاف أن السيناريو الثاني أن يصر الاحتلال على إقامة إدارة مدنية مؤقتة تابعة لسلطات الاحتلال، مع استمرار الأمن بيد قوات الاحتلال إلى حين إيجاد وضع جديد لا يسمح باستمرار حماس على تهديد دولة الاحتلال مجددًا، ويرتبط هذا السيناريو بخلق قيادة مؤقتة لا تحظى باي إجماع فلسطيني على غرار تجربة مجلس الحكم الانتقالي في العراق.

وأشار أن السيناريو الثالث هو وضع قطاع غزة تحت وصاية عربية أو دولية، من خلال نشر قوت حفظ سلام دولية أو عربية، لافتًا أن هذا الخيار يرتبط بوجود مشروع سياسي يقوم على إقامة دولة فلسطينية وفق ما حددته منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الجهة التي تتعاون في الإدارة المدنية للقطاع مع هذه القوات، مضيفًا أن إسرائيل ترفض هذا الخيار، والعالم لن يقبل بما في ذلك الدول العربية أن تتحمل عبء حفظ الأمن لإسرائيل دون إنهاء الاحتلال وإيجاد حل سياسي.

محلل سياسي: السيناريو المفضل هو عودة غزة لقطاع غزة

وأكد أن السيناريو المفضل هو عودة السلطة إلى قطاع غزة ضمن حل سياسي يستند إلى حل الدولتين، مضيفًا أنه مقبول عربيًا وعالميًا، لكنه مرفوض من الحكومة الإسرائيلية كما صرح نتنياهو، وهذا ما يدفع إلى ضرورة الضغط على الاحتلال والولايات المتحدة لتنفيذه باعتباره يستند على المبادرة العربية ومبدأ الأرض مقابل السلام.

وأشار المحلل السياسي الفلسطيني، أن الصين تهتم بدور الوساطة بسبب مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط، والتي ستتأثر حال اتساع دائرة الصراع، مؤكدًا أنها تعتمد في الوقت الحالي بشكل كبير على واردات النفط الخارجية، ويقدر أن نصف هذه الواردات تأتي من منطقة الخليج، وتتزايد أهمية بلدان الشرق الأوسط كأطراف مؤثرة في مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي تشكّل حجر الزاوية في سياسة الصين الخارجية والاقتصادية.

وتابع: وهذا الصراع يمثل فرصة ذهبية لبكين لكي تحسّن صورتها في إطار رؤيتها للنظام العالمي الجديد، وإبراز إخفاقات الولايات المتحدة في قيادتها للنظام العالمي وهيمنتها عليه، وتتخوف الصين من اتساع دائرة هذا الصراع بما قد يفضي إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا.

وقال إن الصين دعت في إطار ما تمليه مصالحها في المنطقة إلى عقد مؤتمر دولي عاجل لحل القضية الفلسطينية، مجددة موقفها بأن حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتشترك الصين مع روسيا في نفس الموقف المتمثل في أن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني لم تلبَّ بعكس الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل في حربها على غزة.

وأضاف أن هناك حدودًا لما يمكن أن تنجزه الصين في ملف الوساطة لحل الصراع، ومع ذلك ناقش وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع مسؤولين أمريكيين أبعاد الصراع بين إسرائيل وحماس، كما تحدّث الوزير الصيني إلى نظيرَيه في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وذلك بعد أن وصل مبعوث الصين الخاص للشرق الأوسط تشاي جيون إلى المنطقة للقاء قادة عرب.

واستكمل:يمكن أن تستفيد الصين من علاقاتها الوثيقة مع إيران، التي تدعم حماس في غزة وحزب الله في لبنان، من أجل تخفيف حدّة الوضع، حيث تعدّ الصين أكبر شريك تجاريّ لإيران، وقد نجحت في وقت سابق من العام الجاري في التوصل إلى انفراجة سياسية نادرة بين طهران والرياض.

وأكد أن الصين تقيم علاقات متوازنة نسبيا مع كل أطراف الصراع الراهن، مضيفًا أنها يمكن أن تسهم في دفع الأطراف نحو التفاوض، وربما يعيق الدور الصيني عدم انخراطها العميق في سياسات الشرق الأوسط ما يجعل مبادراتها كنوع من الدبلوماسية التي تتفق مع حجم انخراطها ومصالحها في المنطقة لا سيما وأن للصين طريقا للتجارة لا يتفق مع طريق بايدن الذي أخرته الحرب على غزة بفعل تعطيلها لمسار التطبيع ولو مؤقتاً.

اقرأ أيضًا| خاص|قيادات عسكرية: تمديد الهدنة مرهون بضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين على نتنياهو

اقرأ أيضا