شهدت شوارع ومنازل وميادين مصر، العديد من جرائم القتل البشعة في المجتمع بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة بطرق وحشية، وهو ما دفع المواطنين للتساؤل، لماذا بات إزهاق الأرواح أكثر سهولة في الشارع المصري؟ وكيف يمكن العمل لمواجهة تلك الظاهرة؟.
وهناك أسباب عديدة تدفع إلى ارتكاب الجريمة منها أسباب عامة تتمثل في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بينما هناك دوافع خاصة تتمثل في انعدام الوازع الديني، والأسرة التي يعيش فيها الإنسان، وأسباب اقتصادية خاصة بالفرد، والكره والحقد، وحب السيطرة، وحب الفضول والمغامرة وتجربة الأمور الغير الطبيعية.
خبراء النفس والاجتماع: الفقر والبطالة والإدمان وراء ارتفاع معدلات الجريمة
وتقول الدكتورة أمل رضوان، أستاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية لـ"بلدنا اليوم"، أن الجريمة في أي مجتمع ترتبط بظروف المجتمع نفسه، لذا فزيادة معدل الجرائم في المجتمع المصري ترتبط بظروفه وخصائصه الاجتماعية والمادية وكذلك المتغيرات التي حدثت به.
وأضافت أن غياب الوازع الديني والفهم الخاطئ للدين كانت ولا تزال من أهم الأسباب التي تدفع إلى الجريمة، فالمجتمع الآن ما بين التشدد والاهتمام بالمظهر وليس الجوهر وصحيح الدين، وإما تفريط وبعد عن الدين، وكذلك غياب دور المدرسة ورجال الدين في التوجيه والإرشاد، علاوة على ثقافة المجتمع التي تشجع على العنف والجريمة والموروثات الثقافية الخاطئة، مثل ما يطلق عليه "جرائم الشرف".
وتابعت الدكتورة آمال رضوان، وهناك الكثير من الأخطاء التي تحدث في التربية، فالتربية هي حجر الأساس في تشكيل شخصية الفرد، وغياب دور الآباء في التربية وانشغالهم بالحياة المادية، ومحاولة توفير متطلبات الحياة وإهمال الإشباع العاطفي للأبناء، كما أن أخطاء التربية تقود إلى جيل منحرف عن الطريق السليم.
وكشفت الدكتورة علم النفس ملك إبراهيم، عن أهم العوامل المفسرة للسلوك الاجرامـي يظهـر أثرها جليا في تحديد نمط واتجاه هذا السلوك، أي أن الواقعة الاجرامية تنم عن سبب ارتكابها، وعليه يمكن تحديد الأنماط الاجرامية التي اقترفـت الأسباب الداخلية مثل جرائم الجنس مثلاً، وأيضاً تلك الجرائم ذات الدوافع الخارجية كالعوامل الاجتماعية والاقتصادية كالسرقة والخطف غيرهما.
وذكرت أن ضغوط المجتمع الناتجة عن سيادة التخصص وتقسيم العمل وزيادة حجم السكان وكثافتهم والتقدم الاقتصادي والتكنولوجي والأزمات التي تحدث فيه، والتي تؤدى إلى ضعف الأخلاق الجماعية مما يؤدي إلى حدوث حالة اللامعيارية كمرض اجتماعي، وأيضاً كما يفترض ميرتون بأن الشباب ينخرطوا في أنشطة إجرامية عندما يجدوا أنفسهم في مفترق الطرق ولم تتاح لهم فرصة ممارسة الأنشطة الاقتصادية الشرعية.
واختتمت أن زيادة نسب تعاطي المواد المخدرة، تزيد معدل العنف، وتدمر طريقة الحكم على الأمور، وعي من أهم العناصر المسببة للعنف بأشكاله المختلفة في المجتمع، وأنها يمكن أن تصحبها البطالة، وبالتالي عدم وجود دخل ثابت لدى المدمن، في ظل وجود طموحات خاصة يقابلها فقر وعجز اقتصادي، تقوده غالبا لارتكاب الجرائم.
الداخلية المصرية: الأسلحة النارية والأفلام وراء تزايد الجرائم
وكانت وزارة الداخلية أصدرت تقريرًا عن أسباب ارتفاع معدلات الجريمة في البلاد، وتبين أن انتشار الأسلحة النارية، والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي، والتأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات، وانعكاسها على تقليد المواطنين لها، والظروف الاقتصادية والمتغيرات الاجتماعية كانت اهم الأسباب وراء انتشار معدلات الجريمة.
وتابع التقرير الصادر عن وزارة الداخلية المصرية، أن وراء زيادة معدل الجرائم، ظهور أنماط جديدة للجريمة، وتكوين تشكيلات عصابية جديدة من الشباب العاطلين، وسهولة تنفيذ البعض لجرائم السرقات بسبب قصور المواطنين في وسائل تأمين ممتلكاتهم، وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي، واستغلال البعض للحرب التي تخوضها الدولة على الإرهاب.
وقال اللواء عبدالرازق الطحاوي مساعد وزير الداخلية الأسبق، إنه لا توجد جريمة كاملة، وأن مسرح الجريمة مهما حاول مرتكبها عدم ترك دليل خلفه يقود إلى هويته، إلا أن التقنية الحديثة والمتطورة، لرجال البحث الجنائي، وخبراء الأدلة الجنائية، تساهم في التوصل إلى هوية فاعل الجريمة، مهما كانت الاحتياطات التي أخذها للإفلات من العقوبة.
وتابع "الطحاوي"، أن سرعة انتقال فريق البحث الجنائي إلى مسرح الجريمة، بعد وقوعها يؤدي بنسبة كبيرة إلى الكشف عن دلائل من شأنها كشف ملابسات وظروف الواقعة، مهما حاول المتهم تغير معالم الجريمة، كما لا يكتفي ضباط المباحث بفحص مسرح الجريمة فقط، بل تمتد الخطة الأمنية، لفحص الجيران، وكاميرات المراقبة المحيطة بمسرح الجريمة، وسؤال شهود العيان، بالإضافة إلى فحص المسجلين خطر، ومناظرة الجثمان إذا كانت الجريمة أسفرت عن مقتل شخص، حيث تسفر عملية التشريح عن أدلة تقود لهوية المتهم، وكفية ارتكابها الجريمة وموعد ارتكابها.
وأكمل أن مسرح الجريمة إذا تعرض لتبديل معالمه، على يد الجاني، في محاولة للهرب، فإن رجال المباحث يلجؤون إلى عدة وسائل للتوصل لهويته، بداية من الأسلوب الذى ارتكب به الجريمة، حيث أن بعض المجرمين المسجلين خطر، لهم أسلوب ثابت، وطريقة خاصة، في ارتكاب الجرائم، مضيفا مهما كان حذرا، فلابد أن يترك خلفه دليلا يقود رجال المباحث لهويته، فلا توجد جريمة كاملة، ومهما كانت ضعف الأدلة والقرائن، فإن رجال المباحث يستغلونها للكشف عن المتهم، من خلال ربطها ببعضها، حتى التوصل لنتيجة مفيدة للتحقيقات.
خبير قانوني يؤكد جرائم القتل عقوبتها الإعدام
وتقول نهى الجندي، المحامية بالنقض والدستورية العليا، إن المادة 2344 من الفقرة الثانية بقانون العقوبات تنص على أنه يحكم على فاعل هذه الجريمة (أي جناية القتل العمد)، بالإعدام، إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى"، وأن هذا الظرف المشدد يفترض أن الجاني قد ارتكب، إلى جانب جناية القتل العمدى، جناية أخرى وذلك خلال فترة زمنية قصيرة، ما يعنى أن هناك تعددًا في الجرائم مع توافر صلة زمنية بينها.
وأضافت "الجندي"، أن القواعد العامة في تعدد الجرائم والعقوبات بأن توقع عقوبة الجريمة الأشد في حالة الجرائم المتعددة المرتبطة ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة في المادة 32 / 2 عقوبات، وأن تتعدد العقوبات بتعدد الجرائم إذا لم يوجد بينها هذا الارتباط بالمادة 33 عقوبات.
وقد فرض المشرع عقوبة القتل العمد وذلك في حالة اقترانها بجناية أخرى بالإعدام، جاعلًا هذا الاقتران ظرفًا مشددًا لعقوبة القتل العمدي، وترجع علة التشديد هنا إلى الخطورة الواضحة الكامنة في شخصية المجرم، الذى يرتكب جريمة القتل وهى بذاتها بالغة الخطورة، ولكنه في نفسه الوقت، لا يتورع عن ارتكاب جناية أخرى في فترة زمنية قصيرة.
شروط التشديد
وتابعت المحامية بالنقض والدستورية العليا، يشترط في عقوبة التشديد بجريمة القتل العمدي إذا كانت اقترانه بجناية أخرى ثلاثة شروط، وهى: أن يكون الجاني قد ارتكب جناية قتل عمدي مكتملة الأركان، وأن يرتكب جناية أخرى، وأن تتوافر رابطة زمنية بين جناية القتل والجناية الأخرى.
التشديد في جناية القتل العمد
يفترض هذا الظرف المشدد، أن يكون الجاني قد ارتكب جناية قتل، في صورتها التامة. وعلى ذلك، لا يتوافر هذا الظرف إذا كانت جناية القتل قد وقفت عند حد الشروع واقتران هذا الشروع بجناية أخرى، وتطبق هنا القواعد العامة في تعدد العقوبات.